أبوظبي

اجراء بحثاً جينياً لدراسة تاريخ نشأة نخيل التمر في منطقة شمال أفريقيا

جامعة نيويورك أبوظبي تجري بحثاً جينياً لدراسة تاريخ نشأة نخيل التمر في منطقة شمال أفريقيا

كشف بحث جيني أجرته جامعة نيويورك أبوظبي عن أن نخيل التمر المنتشر في منطقة شمال أفريقيا هو نتاج هجين بين شجر نخيل منطقة الشرق الأوسط، وفصيلة من النخيل البري الذي ينمو على جزيرة كريت اليونانية وفي عدّة مناطق قليلة جنوب تركيا.

وتسلط هذه الدراسة، والتي أجراها مركز الجينات الوراثية والأنظمة الحيوية التابع لجامعة نيويورك أبوظبي، الضوء على التاريخ التطوّري لواحدة من أقدم أصناف الأشجار المزروعة في التاريخ، والتي ما زالت مصدراً هاماً لمحاصيل الفاكهة في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

وكانت الدراسات السابقة تشير إلى أن نوع النخيل مختلف ما بين هاتين المنطقتين، ولو أنه ينتمي إلى فصيلة واحدة هي فينيكس داكتيليفيراPhoenix Dactylifera. وقد دفعت الطبيعة المميّزة لتمور شمال أفريقيا، التي تشمل النوعين الشهيرين “المجدول” ودقلة النور”، العلماء إلى التساؤل عن أصلهما، وأشار البعض إلى احتمال أن تكون زراعة نخيل شمال أفريقيا قد تمت بشكل منفصل عن نخيل الشرق الأوسط.

وبهدف العثور على الأصل الغامض لنخيل التمور الشمال أفريقي، قام باحثو جامعة نيويورك أبوظبي – بالتعاون مع زملاء لهم من جامعة نيويورك، وباحثين من اليونان وفرنسا وسويسرا والمملكة المتحدة- بإعداد خارطة جينية لعيّنة كبيرة من أشجار النخيل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، فضلاً عن أنواع أخرى قريبة من النخيل البري. وتوصل التحليل إلى أن التهجين بين نخيل التمر وفصيلة فينيكس ثيوفراستيP.theophrasti، وهي فصيلة شرق متوسطية تُعرف باسم النخيل الكريتي البري، هو أصل السلاسة الهجينة والتمايّز الجيني بين النخيل في شمال أفريقيا.

وأوضح الباحثون بأن نحو 5-18% من جينات نخيل شمال أفريقيا تعود إلى النخيل الكريتي البري، كما أن تزاوج مختلف أنواع النخيل الشرق أوسطي مع النخيل البري فينيكس ثيوفراستي ساهم في تعزيز التنوّع الجيني لأشجار النخيل شمال الأفريقية مقارنة بنظيراتها في شرق المتوسط. ومن شأن التهجين مع فينيكس ثيوفراستي أيضاً المساهمة في ظهور جينات جديدة في نخيل التمر الزراعي، ما قد ينتج عن تطور أصناف أعلى جودة من الرطب تتمتع بخواص مقاومة للأمراض وتعود بمنافع أكبر.

واليوم يمكن العثور على نخيل فينيكس ثيوفراستي في 10 تجمعات على جزيرة كريت اليونانية، ومنها تجمّع بالقرب من منتج ’فاي‘ الشاطئي الشهير، وهو غابة النخيل الأكبر في أوروبا. وهي متواجدة أيضاً في تجمعات صغيرة على جزر مختلفة في بحر إيجه، والبر الرئيسي لليونان، وجنوب تركيا. وتعتبر ثمار فينيكس ثيوفراستي صغيرة للغاية ذات قوام ليفي وغير قابلة للأكل، بالرغم من أن هذه الفصيلة تبدو شبيهة بنخيل التمر الزراعي. ويصنّف الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ومواردها (IUCN) نخيل فينيكس ثيوفراستي كنوع “شبه مهدّد بالانقراض”، ما يعني أن هذه الفصيلة قد تكون مهددة في المستقبل القريب، ولو أنها ليست في خطر مباشر حالياً.

من جهة أخرى، أشار باحثو جامعة نيويورك أبوظبي بناء على نتائج الدراسة إلى أن منطقة الشرق الأوسط كانت السباقة لزراعة نخيل التمور، وتم ذلك بداية في منطقة الخليج على الأرجح. وعُثر على أقدم الدلائل الأركيولوجية الموثقة حول زراعة نخيل فينيكس داكتيليفيرا في جزيرة دلمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وإلى الكويت، وهي تعود إلى العصر الحجري العربي الحديث قبل نحو 7,000 سنة.

وقد أدت حركة نخيل فينيكس داكتيلييفيرا المدّجن من الشرق الأوسط إلى التقائه مع نخيل فينيكس ثيوفراستي عند وصوله سواحل المتوسط، فأسفر هذا التزاوج عن ظهور نخيل التمور الذي ينمو في شمال أفريقيا حالياً، وتشير الأدلة الأركيولوجية إلى أن هذا التهجين قد تم قبل نحو 3,000 سنة على الأرجح.

وتم إيراد كافة النتائج في ورقة بحثية تحمل اسم “تدجين أصناف النخيل، وأصل نخيل التمور الشمال أفريقيا” في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences USA الصادرة عن الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أجريت معظم الأعمال البحثية من قبل د.جوناثان فلاورز، الأستاذ البحثي المساعد، تحت إشراف مايكل بوروغانان، البروفيسور الفضي في علم الأحياء وعميد العلوم لدى جامعة نيويورك أبوظبي، علماً بأن البحث يندرج في إطار مشروع “التنوّع الجيني لنخيل التمر”، والذي يهدف لجمع مزيد من المعلومات عن خواص هذه التمور ومسيرتها التطورية، وذلك عبر تحليل جيناتها لتكوين صورة أوضح عن أصولها وكيفيات تطورها ودعم أي جهود مستقبلية ترمي لتحسين الجودة الزراعية لمحصول الفاكهة الهام هذا.

وقال البروفيسور بوروناغان معلقاً: “نعكف في جامعة نيويورك أبوظبي على كشف أسرار نخيل التمر ومسيرته التطورية، آملين في اكتشاف جينات هامة قد تساعدنا على تطوير أنواع جديدة تسهم في ضمان الأمن الغذائي”.

للاطلاع على الدراسة البحثية، يرجى الضغط هنا.

Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

To Top