تقارير

من سيربح في النهاية؟ المولات أم الأسواق التقليدية؟

تزايد الاستهلاك في المنطقة منذ عدة عقود منذ أن لم يعد الناس يعتمدون على لبس ما يغزلون ولا أكل ما يزرعونومما زاد من هذه الظاهرة هو توافر كل ما هو جاهز على مرمى اليد وبأسعار أقل تكلفة مما قد تكلف الفرد العادي صناعتهاويلاحظ الإقبال على الأسواق عموماً في فترة شهر رمضان والأعياد المختلفة.

هذا التوجه أدى إلى ظهور أسواق جديدة وبأشكال مختلفة عما كان الأمر عليه في النصف الأول من القرن الماضي.

التنافس

شهدنا التنافس بين دول الخليج لبناء أعلى الأبراج في العالم، فها هو برج جدة بدء يصعد في السماء ليسبق برج خليفة علواً، أما بالنسبة لموضوع اليوم فقد لاحظنا جميعاً التوسع الكبير في المنطقة العربية في مراكز التسوق الضخمة “المولات” للمنافسة على سياحة جديدة نشأت بالأساس في الخليج العربي وهي سياحة التسوق، ولتلبية الطلب المتزايد علىالبضائع ومنتجات العلامات التجارية العالمية.

ويجري تنافس كبير بين دول الخليج منها قطر والسعودية والإمارات العربية على بناء مراكز تسوق مترامية الأطراف.

ومن أحد الأسباب التي أدت إلى هذا السباق في هذه الدول هو القيمة العالية لقطاع التسوق والذي وصل 73.6 مليار دولار في العام 2014. فقد وصلت  تكلفة بناء ثلاث مولات فقط إلى ما يزيد على 9.4 مليارات، وذلك وفقاً لما جاء في دراسة عرضت في معرض «سيتي سكيب العقاري» في دبي.

وحتى في الدول الأقل دخلاً كالأردن وفلسطين يتنافس المستثمرون لإنشاء مراكز التسوق الحديثة رغم الأوضاع المحيطة والتي لا تتمتع بالضرورة بالاستقرار، كتاج مول في عمان – الاردن- ومول برافو في نابلس – فلسطين.

المهرجانات

ففي محاولة لجذب أكبر عدد من المتسوقين من كل العالم وليس فقط من الدول العربية والشرق والأوسط، عمدت دول الخليج إلى إقامة مهرجانات التسوق، في إطار خلق صورة متطورة عن هذه الدول، فهي لا تبيع فقط منتجات هذه الدول من مراكز التسوق فحسب، بل تخلق حالة من الترويج لكل مناحي الحياة فيها، فتشجع السياحة عموماً وتزيد تشغيلمطاراتها وفنادقها وبالإضافة إلى زيادة جذب الاستثمارات إليها. كمهرجان التسوق في دبي وهلا فبراير في الكويت ومهرجان صيف قطر ومهرجان الأهرام للتسوق في مصر.

هذا وقد استقطبت دبي وحدها في 19 دورة من مهرجانات التسوق ما يقارب 56 مليون زائر لمراكز التسوق، وضخّ أكثر من 145 مليار درهم في اقتصاد دبي (الدولار يعادل 3.67 درهم تقريباً).

التسابق على الأكبر

تسببت الحرارة العالية في معظم فترات السنة في لجوء أهل الخليج إلى مراكز التسوق، حيث يصبح التجول في الحدائق والمناطق المفتوحة أمراً في غاية الصعوبة، هذا إن وجدت حدائق مناسبة تكفي للجميع.
فالاعتناء بالأسواق وتطويرها يجعلها معالم سياحة يقصدها الزوار.

 لذا بدأت دبي الإجراءات التنفيذية لتشييد أكبر مركز تسوق في العالم يستوعب 180 مليون زائر سنوياً، يحمل اسم “مول العالم” وعلى مساحة تتجاوز 48 مليون قدم مربعة، وتقدر كلفته بـ6.8 مليارات دولار.

أما “قطر مول” فمن المقرر الانتهاء منه خلال العام 2016، أما تكلفته فتصل إلى مليار دولار. وتبلغ مساحة البناء خمسة ملايين قدم مربعة.

أما المول الأكبر في السعودية فهو مشروع “الدرعية فستيفال سيتي” الذي تصل تكلفته ستة مليارات ريال (الدولار يعادل 3.75 ريال سعودي تقريباً).

فهل أثر ذلك على شعبية الأسواق التقليدية؟

تشهد الأسواق التقليدية أو ما يسمى ” أسواق البلدة القديمة” استمرار تدفق المتسوقين إليها على الرغم من استحداث مراكز التسوق التي تتباهى دول في الشرق الأوسط بتشييدها، إلا أن الأسواق الشعبية لا تزال تحافظ على أهميتها ومكانتها الهامة بالنسبة للسكان. فالتجول في الأسواق الشعبية يعتبر متعة بحد ذاته. فعند زيارة أي بلد يتوجه السياح عادة إلىالأسواق الشعبية، فحالما تصل القاهرة وتقوم بزيارة الأهرامات والنيل، تكون الزيارة التالية لسوق العطارين وخان الخليلي المزدحم والذي تقع فيه مقهى نجيب محفوظ الشهير. وتمتعت أسواقاً شعبية أخرى بسمعة مميزة كسوق الحميدية في دمشق وصولا إلى سوق نايف وسوق عكاظ الذي يعد من أقدم الأسواق في دبي وأكثرها شعبية وسوق الزل في مدينةالرياض، سوق البصل في نابلس وسوق باب الجديد في القدس في فلسطين، وأسواق الحمرا، بربور، معوض، برج حمود، الأشرفية في بيروت أو سوق الجمعة في العبدلي بوسط عمان، ومهرجان مراكش للتسوق وسوق الأربعاء بمنطقة الفاتح في اسطنبول.

ويرى متسوقون أن الأسواق الشعبية مازالت تحتفظ بجاذبية كبيرة، ويجدون بين أزقتها عبق التاريخ كما يستمتع الكثير ب “لعبة المساومة أو المفاصلة” أو «المكاسرة» أو مهارات التفاوض أثناء الشراء في هذه الأسواق القديمة ذات الأسقف المقوسة، حيث لا يتوفر هذا الأمر في الأسواق الحديثة حيث تكون الأسعار ثابتة في الأغلب كما أنها تفتقر الى العلاقةبين صاحب المال والزبون حيث أن العاملين فيه هم بالأغلبية الساحقة من الموظفين، وهذا ما يختلف عن الأسواق الشعبية حيث يتواصل المشتري مع أصحاب المحلات أنفسهم.

Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

To Top