البناء في الشرق الأوسط

الاعتبارات الرئيسية لتصميم التجارب عند التخطيط للمشاريع التنموية الكُبرى والمشاريع العملاقة وتطوير المُدن

الاعتبارات الرئيسية لتصميم التجارب عند التخطيط للمشاريع التنموية الكُبرى والمشاريع العملاقة وتطوير المُدن

نجد أنفسنا مضطرين على الدوام إلى مراعاة العديد من العوامل المتمحورة حول العملاء أثناء تطوير المُدن، بدءاً من فهم الجمهور المستهدف وصولاً إلى اكتشاف احتياجاتهم وأولوياتهم، ومنحهم الفرصة للتعبير عن انطباعاتهم والحرص على تزويدهم بالحلول الناجعة بالنسبة لهم.

وفي ضوء التوجه نحو بلورة أهداف رؤية السعودية 2030، الخطة الوطنية الطموحة التي تزخر بالعديد من المشاريع العملاقة والجهود التنموية الكُبرى، تتناول إكسبيرينس لاب الشرق الأوسط، شركة الخدمات العامة التابعة لشركة سيركو الشرق الأوسط، خمسة اعتبارات رئيسية متعلقة بتصميم تجربة العميل عند تخطيط المشاريع التنموية الكبرى، ومدى مساهمة التركيز على العملاء خلال هذه العملية في ضمان تعزيز القيمة، فضلاً عن ضمان تلبية المطورين السعوديين للاحتياجات الفعلية لعملائهم، العائلات منهم واليافعين وأصحاب الأنشطة التجارية على حد سواء.

وأمّا فيما يتعلق بفهم شرائح الجمهور المستهدف، يتعيّن على المطورين إدراك طبيعة عملية اتخاذ القرار التي يمر بها عملاؤهم أثناء اختيار المكان الذي سيعيشون أو يعملون فيه. وتُسهم جميع هذه التحليلات الدقيقة في دعم عملية التخطيط ورسم ملامح المساحات والمنشآت، بدءاً من النقاط الواجب توافرها وصولاً إلى تلك التي يُمكن المُساومة حولها.

وفي هذا الصدد، تقول كريستين بيتس، مديرة شركة إكسبيرينس لاب الشرق الأوسط: “لا بد أن يُخصص المطورون الوقت الكافي لفهم شرائح الجمهور المستهدف لديهم والتعرف على تفضيلاتهم بينما يعتزمون الانتقال إلى مجتمع جديد. وفي دولة تمر بمرحلة سريعة للغاية من التغيير والنمو، وفي ظل التنافس المحتدم على جذب اهتمام الناس، يُصبح الفهم العميق للجمهور المستهدف والتصميم التفاعلي بالتعاون معهم وبالانسجام مع اهتماماتهم من العوامل الرئيسية لجذب اهتمامهم على مختلف الأصعدة الحياتية والمهنية والترفيهية. وتتسم استراتيجية قُم بالبناء أولاً، وسيأتي العملاء لاحقاً بخطورتها الشديدة؛ بينما يحظى التفكير الاستباقي بمتطلبات العملاء ورغباتهم وأولوياتهم بفرص أكبر للنجاح”.

وتتمحور المشاريع العملاقة مثل نيوم، المشروع الرائد الذي يُعتبر جزءاً من رؤية السعودية 2030، حول بناء المُدن من الصفر. وسيكون لزاماً على موظفي الشركات والزوار القيام بشكل جماعي بتكوين مجتمعات جديدة ضمن المباني حديثة الإنشاء، لا سيما وأنّ المشروع يفتقر للمفهوم المجتمعي والقاطنين الجُدد. ويستطيع المطورون من جهتهم تسهيل ورسم ملامح عملية التواصل بين الناس والأماكن التي يتشاركونها. الأمر الذي يُمكن تطبيقه من خلال تشجيع شركة إكسبيرينس لاب للسكان والزوار والموظفين على المشاركة في عملية التصميم بشكل جماعي لصياغة أنماط الاستخدام وتحديد معالمها، مع إيلاء اهتمام خاص للملامح المادية والثقافية والاجتماعية التي تحدد هوية المكان وتدعم تطوره المستمر.

ويُمكن تحديد المساحات المادية من خلال حدودها الفعلية، غير أنّ الأماكن تكتسب هويتها من الأشخاص والأنشطة والفعاليات التي تحدث فيها. وبالتالي، يتعينّ على المطورين القيام بأكثر من مجرد تشييد المباني فحسب. ويمتد دورهم إلى إيجاد أماكن تسمح للمجتمعات بالتطور والازدهار. ويبدأ هذا من خلال فهم احتياجات وأولويات الناس والمجتمعات التي ستقطن فيها.

ويدل تعبير صناعة المكان على عملية تعاونية يُمكننا من خلالها صياغة واقعنا العام من أجل تحقيق أعلى قيمة ممكنة. ويتعدى هذا المفهوم مجرد الترويج للتصاميم الحضرية الأكثر تطوراً، ويمتد نحو تسهيل أنماط الاستخدام المبتكرة، مع إيلاء اهتمام خاص للملامح المادية والثقافية والاجتماعية التي تحدد هوية المكان وتدعم تطوره المستمر. وتقوم هذه المنهجية على الاستفادة من أصول المجتمع وطموحاته وإمكاناته، من أجل إيجاد مساحات عامة قادرة على الارتقاء بصحة الناس وسعادتهم وجودة حياتهم.

وبالتالي، يتعيّن علينا عند تصميم المساحات المادية أن نأخذ طبيعة الناس الذين سيشغلون المكان بعين الاعتبار، فضلاً عن كيفية ومكان قضائهم لوقتهم، والأنشطة التي يودون ممارستها في هذا المكان، والتسلسل الزمني لهذه الأنشطة.

ومن المهم أيضاً أن يلعب الجمهور المُستهدف دوراً في العملية من خلال منحهم الفرصة لتجربة المكان الذي يجري بناؤه. ومع توجه القطاع بالفعل إلى اعتماد مزيج من تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي بغية استعراض التصاميم قبل وضع اللمسات النهائية عليها، بحيث يستطيع المطورون الاطلاع على انطباعات الناس على نحو يُسهم في تحسين خيارات التصاميم النهائية. ولا بد من توسيع نطاق هذه العملية لتشمل كُلّاً من المستثمرين وأصحاب المصلحة والجمهور المستهدف.

وأضافت بيتس: “قُمنا جميعاً بزيارة أماكن بدت لنا مذهلة من الوهلة الأولى. إلا أننا عندما بدأنا باستخدامها فعلياً، لم ترتقِ بعض من العناصر العملية لكيفية عملها إلى مستوى توقعاتنا. ويُمكن توفير الكثير من الوقت والمال على المطورين من خلال الاطلاع على الآراء الصريحة للناس قبل اتخاذ أي من القرارات باهظة التكلفة، وهو ما يمنحهم منهجية تسويق أفضل، ويجعل منتجهم أكثر جاذبيةً بالنسبة للجمهور. ويمكن للأبحاث أن تُساعد المطورين على تحديد الجمهور المستهدف واختبار الجوانب الرئيسية ضماناً لكون التجربة الفعلية مماثلة بجودتها لتلك التي توحي بها المخططات والتصاميم المعمارية”.

وتؤدي دراسة شرائح العملاء في بداية العملية إلى تحديد الفئة التي يجب التركيز عليها، ويُسلط الضوء على الاحتياجات الرئيسية لمختلف شرائح الجمهور. وبالتالي، يمكن للمطورين من خلال إجراء دراسة مبكرة على الجمهور اتخاذ قرارات مدروسة ومبنية على فهم متطلبات العملاء.

وفي هذا السياق، أوضحت بيتس: “نحرص في إكسبيرينس لاب على التواصل مع العملاء، ونؤمن بشدة بأنّ اعتماد مقاربة متمحورة حول العميل في مختلف مراحل عملية التصميم يُمثل عاملاً رئيسياً لتجنب مختلف المعوقات التي تواجه التصميم. وتُعتبر اللمسات الأخيرة واختبارها يداً بيد مع الجمهور المستهدف على القدر ذاته من الأهمية. فعلى سبيل المثال، هل بإمكان أفراد الجمهور الاطلاع على العروض المتاحة ؟ وهل يريدون استخدام هذه المساحات وفقاً للمخططات المرسومة؟ هل تستقطب منازل العرض السكنية الجمهور المستهدف؟ هل تنسجم أجواء المساحات المجتمعية مع ما يبحث عنه الجمهور المستهدف؟ هل هنالك نقص في تلبية حاجاتهم الأساسية؟”.

وتعمل بعض المشاريع التنموية الكبرى مثل مشروع القدّية، على إيجاد مساحات تختلف بالكامل عن أي شيء موجود في المناطق المحيطة بها. وتطرح هذه الأماكن الفرص أمام المواطنين السعوديين الساعين وراء نمط حياة مختلف والوافدين الراغبين بنمط حياة شبيه بذاك المعتادين عليه في الدول الأخرى، وغيرهم من الزوار المحليين الذين استقطبتهم وجهات الجذب لقضاء بضع ساعات فقط. ولكن، ما هي العوامل الذي جذبتهم؟ وما هي العوامل الرئيسية التي تدفعهم لاختيار العيش أو العمل أو قضاء عطلاتهم في هذه الأماكن؟

وينطوي تصميم الأماكن الخاصة بالعائلات على أولويات مختلفة عن تلك التي يتطلبها تطوير الأماكن المخصصة للمهنيين اليافعين. وقد يمنح السعوديون قدراً أكبر من القيمة والأهمية لمختلف جوانب المكان الذين يعيشون فيه بالمقارنة مع غيرهم من الوافدين إلى المملكة، غير أنّ محاولة إرضاء رغبات الجميع يؤدي إلى تخييب آمالهم جميعاً في نهاية المطاف. ولذلك، قد يُساعد فهم احتياجات وأولويات مختلف شرائح الجمهور المستهدف على صياغة أساليب تصميم المساحات المخصصة لكل مجموعة منهم، وهُنا يأتي دور إكسبيرينس لاب لسد الفجوة.

Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

To Top