متفرقات و ترفيه

تأثير الصيام على الصحة النفسية للإنسان كأحد فنيات الإرشاد والعلاج النفسي في النموذج الاسلامي

تأثير الصيام على الصحة النفسية للإنسان

كأحد فنيات الإرشاد والعلاج النفسي في النموذج الاسلامي

بقلم ا. نادرة المغربي
مدير عام مركز منارة للاستشارات الأسرية والتدريب

جاء الإسلام لهداية الإنسان، ولتوجيهه وإرشاده، ولتخليصه من الجهل والضلال. وقد أحدث تغييراً كبيراً في نفوس الناس، في عقيدتهم، وأفكارهم، وعاداتهم، وسلوكهم.  وقام الإسلام بتغيير إدراك الإنسان لنفسه، وأعطاه معنى جديداً لحياته، ولرسالته الحقيقية في الحياة، وعلم الإنسان منهجاً جديداً في الحياة، وأسلوباً جديداً في التفكير، وطريقة جديدة في النظر إلى نفسه وإلى الناس الآخرين وإلى الكون بأسره، وعلمه كثيراً من القيم الإنسانية، وكثيراً من الخصال الهامة للنجاح في الحياة، ولتحقيق الأمن النفسي والصحة النفسية

وعني الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته وإرشاده النفسي لأصحابه بتوجيههم إلى كل ما يحفظ عليهم الصحة البدنية والنفسية، وعني – صلى الله عليه وسلم – كذلك بعلاجهم مما كان يصيبهم من أمراض بدنية ونفسية.

واستطاع القرآن الكريم أن يعالج من خلال “فنيات الإرشاد والعلاج النفسي” نفوس البشر، وأن يغيّر شخصياتهم. وهذه الفنيات هي: الإيمان بعقيدة التوحيد وتقوى الله، العبادات (الصلاة، الصيام، الزكاة، الحج)، الصبر، الذكر، التوبة، الدعاء .

إن أداء العبادات التي كلفنا الله تعالى بها إنما يطهّر النفس ويزكيها، ويصقل القلب ويهيئه إلى تلقي تجليات الله تعالى عليه بالنور والهداية والحكمة، قال تعالى: ﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ﴾ (الزمر:22).  وقد اتبع القرآن في تربيته لشخصيات الناس، وفي تغيير سلوكهم أسلوب العمل والممارسة الفعلية للأفكار والعادات السلوكية الجديدة التي يريد أن يغرسها في نفوسهم.  ولذلك فرض الله سبحانه وتعالى العبادات المختلفة: الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج. حيث ان القيام بهذه العبادات في أوقات معينة بانتظام يعلم المؤمن الصبر، وتحمل المشاق، ومجاهدة النفس والتحكم في أهوائها وشهواتها، وتكسبه الخصال الحميدة التي توفر له مقومات الصحة النفسية السليمة، كما يمده بوقاية من الأمراض النفسية.

نوضح هنا تأثير أحد هذه العبادات (وهو الصيام) على شخصية الانسان.

يعتبر الصيام أحد فنيات العلاج والارشاد النفسي الهامة، وله فوائد عظيمة كثيرة على الصائم، فهو يقوي الإرادة، وينمي في الإنسان القدرة على التحكم في شهوات النفس وأهوائها، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة:183).  أي لعلكم تتقون المعاصي، والصيام جنة، أي فيه وقاية من الشهوات، فالصائم يتحكم في شهواته، وفي سلوكه. ففي الصيام تدريب على السيطرة على الدوافع والانفعالات، وتقوية للإرادة في مغالبة أهواء النفس وشهواتها. ومن الفوائد النفسية للصيام أيضا أنه يُشعر الغني بآلام الجوع وما يعانيه الفقراء والمساكين، فيدفعه ذلك إلى البر بهم والإحسان إليهم مما يقوي في المجتمع روح التعاون والتضامن والتكافل الاجتماعي.  وفضلا عن هذه الفوائد النفسية للصيام، فإن فيه أيضا فوائد طبية وعلاجا من الأمراض البدنية، حيث يعمل الصيام على تحفيز جهاز المناعة للإنسان والتخلص من احتباس السوائل في الجسم، وتقليل الالتهابات والتخلص من السموم الموجودة في الجسم إضافة إلى التخلص من الخلايا والأنسجة التالفة في الجسم. ومن المعروف أن لصحة الإنسان البدنية تأثيرا في صحته النفسية، ومن الحكم الشائعة: “إن العقل السليم في الجسم السليم”.

منقول عن بحث ل ا. نادرة المغربي بعنوان الإرشاد والعلاج النفسي في النموذج الإسلامي.

Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

To Top