فلسطين

التميز في عالم المختبرات

التميز في عالم المختبرات

لعل من اهم سمات السوق الفلسطيني: صغر حجمه, و يتزامن ذلك مع حالة سياسية فريدة من نوعها بسبب وقوع هذا السوق تحت الاحتلال المباشر مما يضع تحديات كبيرة امام المستثمرين و في شتى المجالات.

عند الحديث عن الخدمات الصحية فإن لوقوع المجتمع الفلسطيني بين عملاقين في مجال الخمات الصحية- شرقا و غربا يجعله في وضع فريد تستوجب من المستثمرين و المهتمين بالاستثمار في المجال الصحي التفكير بطريقة مختلفة. كما و تجعل من “الشراكات” احد اوجه الحلول التي يبحث عنها الجميع بهدف خفض التكاليف و ادارة الموارد المحدودة اصلا و ليس اخرا ب رفع الجودة.

نشأت مختبرات ميديكير منذ قرابة الربع قرن مع بدايات قدوم السلطة الفلسطينية. و مثل العديد من المشاريع التي حلمت بإيجاد نموذج سنغافورة  في المنطقة لينتهي المطاف بالعديد منها بصيغ بعيدة كل البعد عن ذلك الحلم, في حين ان البعض الاخر قد اغلق استثماراته و عدل عنها بشكل كامل. لم تكن مختبرات ميديكير بعيدة عن هذا الواقع فقد تعرضت لسلسلة تعديلات و اعادة هيكلة و كما و لجأ المستثمرون لحلول عديدة قبل ان تستقر الشركة بصيغتها الحالية تحت اسم ميديكير.

تمتلك مختبرات ميديكير اليوم خمسة و عشرين فرعا في مختلف محافظات الضفة الغربية و يعمل فيها اكثر من مائة و عشرين مهنيا في مختلف مجالات الطب المخبري من اطباء و حملة شهادات الدكتوراه و الماجستير اضافة الى العشرات من حملة البكالوربوس. العقبات انفة الذكر و غيرها بدءا من تاريخية القوانين الناظمة للعمل, و المنافسة الحادة في سوق صغير الحجم و غير ذلك دفعت القائمين على ادارة ميديكير البحث عن الشراكات كأحد اوجه الحلول للخروج من هذا الواقع.

خلال الاعوام القليلة الماضية  ابرمت ميديكير سلسلة اتفاقيات مع مؤسسات مختلفة في المجتمع الفلسطيني بدءا من مؤسسات القطاع الخاص و الاهلي و الحكومي و ليس اخرا المؤسسات الاكاديمية. و ربما ما يجمع تلك الاتفاقيات هو وصول الجميع الى “ضرورة التخصص في الاعمال” و مبدأ “الشراكات”.

مستشفى الشفاء في جنين- و هو مشروع عائلي يقوم على ارث تاريخي للدكتور خالد الاسير “رحمه الله”الذي انشأ مشفاه قبل احتلال فلسطين عام 1948 ك مستشفى خاص لتلبية حاجات سكان جنين و المنطقة اثر النكبة. عمل المستشفى خلال الفترة الماضية بشكل تقليدي و لحين وصول الجيل الثاني و الثالث من عائلة الاسير و استلامهم زمام ادارة هذا المشروع. وعلى رغم صغر المشفى و محدودية مواردة التي تقتصر على العائلةذاتها, الا انه يتمع بديناميكية عالية, و اصرار كبيرلدى الجيلين الثاني و الثالث للانطلاق بالمشفى نحوة افاق جديدة و وجدت ضالتها في جوانب محددة من خلال الاتفاق مع ميديكير لادارة المختبر و تطويره. و يعمل المشفى حاليا ضمن ظروف جديدة واعدة كما و تتطلع ادارته قيق المزيد سواء في مجالات الاختصاص او توسيع الخدمات التي يقدمها المستشفى.

مختبر عيادات الزكاة التابعة للجنة زكاة قلقيلة- لقد نشأت الحاجة لايجاد تلك الخدمات اولا من واقعافتقار المدينة الحدودية لوجود مستشفى حكومي فيها حيث يبلغ عدد سكانها مع المحيط اكثر من مائة وعشرين الف مواطن. على ان ما يميز هذه المحافظة الحدودية احاطتها بشكل كامل بسور الفصل العنصري بإستثناء الجهة الشرقية حيث تتواجد بوابة تغلقها سلطات الاحتلال متى شاءت, الامر الذي حدا بأهالي المحافظة للمبادرة لافتتاح مجمع عيادات تابع للجنة الزكاة. عمل هذا المجمع على مدار سنوات عديدة بنجاح, على ان تغيير المناخات الاقتصادية و السياسية قادت ادارة لجنة الزكاة للتفكير بإحالة ادارة ذلك المجمع الى مجموعة من الاطباء و المهنيين بهدف استمرار توفير خدمات ميزة من الناحية المهنية, جنبا الى جنب مع تطوير المشروع. و تحتفظ حاليا لجنة الزكاة بإمتياز توفير كافة الخدمات في المجمع للفقراء المدرجين ضمن كشوفاتها بأسعار تفضيلية تحافظ من خلالها اللجنة على استمرار خدمتها في مجال الخدمات الصحية.

الهلال الاحمر الفلسطيني في سلفيت- يعود انشاء الهلال الاحمر الى عقود مضت من تاريخ المجتمع الفلسطيني المعاصر و الذي جاء ردا طبيعيا على التحديات التي واجهها المجتمع الفلسطيني جراء العدوان المستمر الذي يستهدف بقاءه على ارض وطنه. و قد بادرت جمعية الهلال الاحمر الى إنشاء العديد من المرافق الصحية في المدن و المحافظات الفلسطينية. لم تكن سلفيت استثناء عن تلك القاعدة حيث بادر الاهالي و بالتعاون مع الادارة المركزية للهلال الاحمر بإنشاء مجمع صحي حديث يخدم اهالي المدينة و المحافظة. و مع اقتراب تشغيل المجمع بادرت اللجنة الفرعية للهلال الاحمر الفلسطيني في سلفيت بالتواصل مع ميديكير بهدف تشغيل المختبر الذي تم تجهيزه من قبل الهلال الاحمر ضمن اتفاقية توفر من خلالها ميديكير خدماتها التخصصية المتميزة بجودتها لسكان المحافظة, مما شكل اضافة نوعية لطرفي الاتفاق.

جامعة بير زيت- تتمتع جامعة بير زيت بوضع مجتمعي فلسطيني و اقليمي و حتى عالمي متميز يجعل منها فلسطين مصغرة بأفكارها و ارائها و تجربتها حرصت عبر سنين متعددة على اعطاء صبغة خاصة لوجودها, جعلت تفردها ملحوظا على الساحة الفلسطينية و الخارجيه. وصلت ادارة الجامعة الى قرار بضرورة التطوير في الخدمات غير الاكاديمية التي توفرها لطلبتها و عددهم اكثر من اربعة عشر الف طالب في مختلف المراحل و التخصصات, اضافة الى اكثر من الفين من العاملين في الجامعة وعائلاتهم. لم يطل الامر قبل اتمام اتفاقية تقوم بموجبها مختبرات ميديكير بإدارة هذا المرفق الواقع ضمن المجمع الطبي “عزيز شاهين” و الذي سوف يوفر اضافة الى الخدمات المخبرية السريرة التطبيقات البحثية لطلبة الداراسات العليا.

ان المحرك الاساسي في تلك الاتفاقيات هو المصلحة المشتركة التي تخدم طرفي الاتفاقيات, اضافة الى الاختصاص و التميز. لقد كان للحضور المهني ل ميديكير في مجال اختصاصها- الطب المخبري بأنواعه الدور البارز في ابرام هذه الاتفاقيات بما تتمتع به من طاقم مهني عال الكفاءة اضافة الى حصول فروعها في مدن رام الله و نابلس و الخليل على شهادة الاعتماد الدولي في مجالها ISO 15189 الامر الذي ساعد في ابرا م هذه الاتفاقيات.

ختاما- ان وقوع فلسطين تحت الاحتلال وانغلاق الافق السياسي في الوقت الراهن يجعل الوصول الى شراكات بين القطاعات المختلفة احد اوجه النضال الذي تمارسة مؤسسات المجتمع الفلسطيني لمقاومة سياسات الاحتلال التي تهدف الى اقتلاع الوجود الفلسطيني بأشكالة المختلفة . و كأي مشروع استعماري يمارس نوعا من التصنيف و اعطاء اولوية لاهداف دون اخرى- فلم تستطيع ميديكير المحافظة على جودها في المدينة المقدسة طويلا اذ اضطرت لاغلاق ابواب مختبرها في القدس الشرقية- حي المصرارة في وقت مبكر عام 1999 رغم ما تكبدته من تكاليف باهظة لافتتاح مختبرها هناك. و لكن الاصرار الذي تمتعت به ادارات المؤسسات الفلسطينية المختلفة قادت الى ابرام هذه الاتفاقيات كأحد اوجه النضال و اجتراح اشكال البقاء ضد احتلال لا يتردد في انهاء الوجود الفلسطيني بأشكاله المختلفة.

د. بشار الكرمي

رئيس مجلس ادارة ميديكير

Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

To Top