English / العربية / Français / Eλληνικά

English / العربية / Français / Eλληνικά

انخفاض أسعار السلع يخفف التضخم التجاري

انخفاض أسعار السلع يخفف التضخم التجاري

في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة والتقلبات الجيوسياسية العالمية، أصدر البنك الدولي مؤخرًا تقريره الجديد ضمن “نشرة آفاق السلع الأولية“، متوقعًا مسارًا تنازليًا حادًا لأسعار السلع الأساسية على المستوى العالمي. وتشير التوقعات إلى أن هذه الأسعار قد تنخفض إلى أدنى مستوياتها منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في ظل تراجع معدلات النمو الاقتصادي وتزايد وفرة المعروض، لا سيما في قطاع النفط.
ورغم أن هذا التراجع قد يسهم في تخفيف الضغوط التضخمية الناجمة عن تصاعد الحواجز التجارية، إلا أنه قد يفرض تحديات كبيرة على الاقتصادات النامية، حيث يُتوقع أن يؤثر سلبًا على فرص النمو في ثلثي تلك الدول. وتكشف التقديرات عن انخفاض مرتقب بنسبة 12% في أسعار السلع خلال عام 2025، يعقبه تراجع إضافي بنسبة 5% في عام 2026، ما قد يُنهي مرحلة الازدهار التي أعقبت تعافي الاقتصاد العالمي من جائحة كورونا والأزمات الجيوسياسية اللاحقة.

ويمثل ضعف آفاق النمو أحدث الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي في هذا العقد المضطرب بشكل غير عادي بالنسبة لأسواق السلع الأولية، حيث شهدت تقلبات أكثر بكثير عما كانت عليه في أي عقد سابق منذ سبعينيات القرن العشرين على الأقل. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا يمثل بداية حقبة أكثر اضطراباً في أسواق هذه السلع. غير أن تزامن التوترات التجارية، والصراعات، والمخاطر الجيوسياسية، وتكرار الصدمات الناشئة عن تغير المناخ يزيد من احتمالات حدوثها.

وتعليقاً على ذلك، قال إندرميت غيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي والنائب الأول للرئيس لشؤون اقتصاديات التنمية: “كان ارتفاع أسعار السلع الأولية نعمة للعديد من الاقتصادات النامية، فثلثاها من الاقتصادات المصدرة لهذه السلع…لكننا نشهد الآن أعلى تقلبات في الأسعار منذ أكثر من 50 عاماً. والجمع بين شدة تقلبات الأسعار وانخفاض الأسعار يؤدي إلى خلق المشكلات. لذلك تحتاج الاقتصادات النامية إلى اتخاذ ثلاث خطوات لحماية نفسها، وهي: استعادة الانضباط في أوضاع المالية العامة، وتوفير بيئة داعمة لأنشطة الأعمال لجذب رأس المال الخاص، وتحرير التجارة حيثما أتيحت الفرصة.”

ويشير التقرير إلى أن أسعار السلع الأولية العالمية شهدت انخفاضاً منذ عام 2023، مما ساعد على كبح التضخم العام في جميع أنحاء العالم. فعلى سبيل المثال، أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى إضافة أكثر من نقطتين مئويتين إلى معدلات التضخم العالمي في عام 2022. غير أن انخفاض أسعارها خلال عامي 2023 و2024 ساعد على خفض هذه المعدلات. ومن المتوقع أن يشتد هذا الاتجاه نحو انخفاض أسعار الطاقة هذا العام، مما قد يؤدي إلى تخفيف بعض آثار ارتفاع التعريفات الجمركية في الاقتصادات الكبرى على الأسعار. ومن المتوقع أن تنخفض أسعار الطاقة بمقدار 17% هذا العام إلى أدنى مستوى لها في خمس سنوات قبل أن تنخفض بنسبة 6% إضافية في عام 2026. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط أسعار خام برنت 64 دولاراً للبرميل في عام 2025 – بانخفاضٍ قدره 17 دولاراً عن عام 2024 – وأن يبلغ 60 دولاراً فقط في عام 2026. ومن المتوقع أن تنخفض أسعار الفحم بنسبة 27% هذا العام و5% إضافية في عام 2026، بسبب تباطؤ نمو استهلاك الفحم لتوليد الكهرباء في الاقتصادات النامية.

وتعكس هذه الآفاق توقعاتٍ بضعف النمو الاقتصادي، فضلاً عن تباطؤ طويل الأجل في الطلب العالمي على النفط. ففي عام 2025، من المتوقع أن يتجاوز المعروضُ العالمي من النفط الطلبَ بمقدار 0.7 مليون برميل يومياً. كما أدى تسريع وتيرة استخدام السيارات الكهربائية إلى الحد من الطلب على النفط؛ ففي الصين، والتي تُعد أكبر سوق للسيارات في العالم، كان أكثر من 40% في المائة من السيارات الجديدة التي تم شراؤها العام الماضي إما مركبات تعمل بالبطاريات أو مركبات هجينة. وتقترب هذه النسبة من ثلاثة أضعاف النسبة المسجلة في عام 2021.

وتوقع التقرير أيضاً أن تتراجع أسعار الأغذية أيضاً بنسبة 7% في عام 2025 و1% إضافية في عام 2026. ومع ذلك، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن انعدام الأمن الغذائي الحاد في بعض المناطق الأكثر تضرراً على مستوى العالم سوف يتفاقم هذا العام، مما يؤثر على 170 مليون نسمة في 22 اقتصاداً شديد القابلية للتأثر بالمخاطر. ومن شأن انخفاض أسعار السلع الأولية الغذائية أن يوفر بعض الدعم للجهود الإنسانية، لا سيما في ظل تقلص تمويل المساعدات المخصصة للأغراض الإنسانية، لكنه لن يعالج العوامل الرئيسية للجوع الحاد، والتي ترجع جذورها إلى حد بعيد إلى الصراع.

ومن المتوقع أن يسجل متوسط سعر الذهب – وهو خيار شائع للمستثمرين الباحثين عن “ملاذ آمن” – مستوى قياسياً جديداً قبل أن يشهد استقراراً في عام 2026. ويتمتع الذهب بوضع خاص بين الأصول، وغالباً ما يرتفع سعره خلال الفترات التي تشهد حالة من عدم اليقين في الأوضاع الجيوسياسية والسياسات العامة، ومنها الصراعات. وعلى مدى العامين المقبلين، من المتوقع أن تظل أسعار الذهب أعلى بنسبة 150% من متوسطها السائد في السنوات الخمس التي سبقت جائحة كورونا. وفي المقابل، من المتوقع أن تنخفض أسعار المعادن الصناعية في الفترة 2025-2026، بسبب ضعف الطلب وسط تصاعد التوترات التجارية واستمرار ضعف النشاط الذي يشهده قطاع العقارات في الصين.

ووجد الفصل الخاص في التقرير أن دورات الانتعاش والكساد في أسعار السلع الأولية أصبحت كثيفة بشكل خاص خلال العقد الأول من القرن الحالي. ومن الممكن أن تؤدي مثل هذه الدورات الواضحة إلى الإضرار بانضباط المالية العامة والنمو الاقتصادي طويل الأجل في هذه الاقتصادات. ومنذ عام 1970، استمر متوسط مدة هذه الدورات نحو أربع سنوات – مع استمرار دورات الكساد مدة أطول إلى حد ما من دورات الانتعاش، وفقاً لما وجده التحليل. ولكن بين عامي 2020 و2024 انخفضت مدة هذه الدورات إلى النصف.

ومن جانبه، قال أيهان كوسي، نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين ومدير مجموعة آفاق التنمية بمجموعة البنك الدولي: “شهدت أسعار السلع الأولية تراجعاً حاداً خلال العقد الأول من القرن الحالي – حيث انخفضت مع تفشي جائحة كورونا، ثم ارتفعت إلى مستويات قياسية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ثم انخفضت مرة أخرى بشكل حاد… وفي ظل التوترات الجيوسياسية، وتزايد الطلب على المعادن الحيوية، وارتفاع وتيرة الكوارث الطبيعية، يمكن أن يصبح ذلك هو الوضع الطبيعي الجديد. ومن أجل التعامل الناجح مع التقلبات المتكررة في أسعار السلع الأولية يتعين على الاقتصادات النامية أن تقوم ببناء حيز في المالية العامة، وتعزيز المؤسسات، وتحسين مناخ الاستثمار لتسهيل خلق فرص العمل.” لقراءة التقرير: https://bit.ly/CMO-April-2025-FullReport

المصدر: البنك الدولي

spot_img
spot_img

Latest articles

Related articles

spot_img
https://middleeast-business.com