الدولار / الين الياباني يخترق حاجز 150 بين تشديد السياسة اليابانية وسيناريوهات التيسير الأمريكي
تحليل سوق لليوم عن رانيا جول محلل أسواق في الشرق الأوسط في XS.com
انخفض زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني بنسبة 1.5% يوم أمس ليبدأ تعاملات اليوم الخميس عند 149.20، مواصلاً بذلك الانخفاض الأخير بعد أن أعلن بنك اليابان عن زيادة مفاجئة في أسعار الفائدة أمس. وهذه هي الزيادة الثانية في أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان منذ عام 2007، وبذلك أصبحت أسعار الفائدة اليابانية أعلى من الصفر للمرة الأولى منذ سبتمبر 2010.
وأعتقد أن الين الياباني سيواصل اكتساب القوة مقابل الدولار الأمريكي، مستفيدًا من إعلانات السياسة المتشددة غير المتوقعة من جانب بنك اليابان. خاصة وأنه يتداول عند أدنى مستوى له بعد كسر منطقة الدعم الرئيسية عند 150.00، بخسارة تقرب من 2% على أساس يومي.
ففي يوم الأربعاء رفع بنك اليابان أسعار الفائدة قصيرة الأجل بمقدار 15 نقطة أساس من 0%-0.1% إلى 0.15%-0.25%. بالإضافة إلى ذلك، وضع البنك خطة لتقليص شراء السندات الحكومية اليابانية إلى 3 تريليون ين شهريًا اعتبارًا من الربع الأول من عام 2026.وبرايي هذا التغيير يعكس تحولًا استراتيجيًا في السياسة النقدية اليابانية نحو تشديد مالي جديد، وهو أمر لم نشهده منذ أكثر من عقد.
وفي استجابة سريعة في أسواق المال ارتفع الين الياباني إلى 149.78 مقابل الدولار الأمريكي، وهو أعلى مستوى له منذ منتصف مارس. ومن وجهة نظري تعكس هذه القفزة حجم المفاجأة في الأسواق، على الرغم من أن بعض وسائل الإعلام اليابانية توقعت القرار قبل ساعات قليلة من إعلانه. كما إن تحديد بنك اليابان خططًا لخفض مشتريات السندات الشهرية إلى النصف يمثل أولى خطوات التشديد النقدي الجادة في وقت تتجه فيه معظم البنوك المركزية الأخرى نحو التيسير، مما قد يدعم قوة الين في المدى المتوسط والبعيد.
فخلال الفترة الماضية، كان العالم يشهد موجة من رفع أسعار الفائدة من البنوك المركزية العالمية، خاصة خلال عام 2022، لمواجهة التضخم الذي ارتفع بشكل غير متوقع بعد جائحة كوفيد19. ومع ذلك، استمر بنك اليابان في سياسته المتساهلة، متجاهلاً تلك التحركات حتى بعد أن ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في اليابان بنسبة 2.8% خلال العام حتى يونيو الماضي، مما أثر سلبًا على القوة الشرائية في اليابان.
ومن هنا كان لزاماً على المسؤولين في بنك اليابان أن يشعروا بالقلق الشديد، مما دفعهم لاتخاذ خطوات مفاجئة بشأن قرار رفع الفائدة الأخير، وعليه أتوقع أن نشهد تضييقًا في فجوة أسعار الفائدة بين اليابان ونظيراتها من القوى الاقتصادية الرئيسية حول العالم، مما سيؤدي على الأرجح إلى مزيد من قوة الين. خاصة بعد أن أكد محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، في مؤتمر صحفي أن هذه الخطوة جاءت كجزء من استراتيجية البنك لتحقيق هدف التضخم بنسبة 2% بشكل مستدام، مع إشارة إلى أن البنك قد يستمر في رفع أسعار الفائدة إذا دعت الحاجة.
وفي خطوة تهدف إلى تعزيز قوة صعود الين الياباني، أعلن بنك ميتسوبيشي يو إف جي أنه سيرفع سعر الفائدة على الإقراض الرئيسي قصير الأجل إلى 1.625% من 1.475% بدءاً من 2 سبتمبر المقبل، بما يتماشى مع رفع أسعار الفائدة من قبل بنك اليابان.
ومن جانب آخر، ثبت أحدث قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة خلال اجتماع يوليو بما يتماشى مع توقعات الأسواق، لكن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ركز من جديد على أن البيانات الأمريكية يجب أن تعطي المزيد من الثقة على تباطؤ التضخم نحو هدفه 2% قبل أن يبدأ البنك المركزي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة. ومع ذلك، تتزايد التوقعات بخفض محتمل للفائدة في سبتمبر، وهو ما يشكل ضغطًا إضافيًا على الدولار الأمريكي ويزيد من فرص استمرار عمليات البيع في زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني.
ومن وجهة نظري ينما يشهد الين الياباني دعمًا قويًا من السياسة النقدية المتشددة لبنك اليابان، يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية تطور هذه التحركات في ظل التغيرات المستمرة في السياسة النقدية العالمية، خاصة مع التوقعات المتزايدة لتغيير محتمل في موقف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مما قد يقلل من تأثير قرار رفع أسعار الفائدة اليابانية في المدى المتوسط.