توجهات استراتيجية لإدارة الانتقال نحو الطاقة المتجددة في فلسطين
تعتمد فلسطين بشكلٍ شبه كاملٍ على الكهرباء المستوردة من شركة الكهرباء القُطرية الإسرائيلية (أكثر من 90% من الطاقة الكهربائية المستوردة)؛ ما يعزز التبعية الاقتصادية، وبخاصة في مجال الطاقة للاحتلال، ويرهق خزينة الحكومة الفلسطينية. كما تتحكم الشركة القُطرية الإسرائيلية بإمدادات الكهرباء للفلسطينيين، التي لا تتوافق مع الاحتياجات المحلية؛ حيث تُعد حصة الفرد من الكهرباء في فلسطين متدنية جداً عند مقارنتها مع معدل استهلاك الكهرباء الطبيعي في العالم، ناهيك عن استخدامات الطاقة للاحتياجات التنموية والصناعية التي تأتي على حساب حصة المواطن، كما أن سعر الكهرباء مرتفعٌ مقارنةً بالدول المجاورة.
وللحدّ من هذه التشوهات الهيكلية الناتجة عن الموروث الاستعماري الاحتلالي، عملت السلطة الوطنية الفلسطينية، بالتعاون مع مؤسسات وهيئات دولية تعمل في مجال التنمية، على تطوير وتحديث الإطار التنظيمي والتشريعي لقطاع الطاقة، وتبنّت العديد من الخطط والاستراتيجيات للنهوض بهذا القطاع المحوري، كان آخرها تبني رؤية لتنويع مصادر الكهرباء، وتخفيض استيراد الكهرباء بواقع 50% بحلول العام 2030. ومما لا شك فيه أن تحقيق هذا الهدف بحاجة إلى تجاوز القيود والمعيقات التي يضعها الاحتلال، وكذلك إجراء تغييرات مؤسسية وسياساتية وتنظيمية جذرية لدعم التوليد المحلي من مصادر الطاقة المتجددة، والمصادر الصديقة للبيئة مثل الغاز الطبيعي.
وفي هذا الإطار، خطا قطاع الطاقة في فلسطين خطوات كبيرة، من خلال إعداد استراتيجيات وخطط مختلفة، بما في ذلك الاستراتيجية القطاعية للطاقة والموارد الطبيعية للفترة 2021-2023، واستراتيجية الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة حتى العام 2030، والخطة الرئيسية لنقل الكهرباء للعام 2035، وغيرها من التعليمات واللوائح. وعلى الرغم من هذه التطورات، ما زال قطاع الطاقة يواجه تحديات صعبة ناجمة عن عدم وضوح البيئة التشريعية؛ ابتداءً من صدور قانون الكهرباء في العام 2009 والقوانين اللاحقة وتعديلاتها، هذا إضافة إلى القيود الجيوسياسية التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي. وقد أعاقت هذه العوامل إنشاء هيكل واضح وفعال لإدارة قطاع الطاقة.
ونتيجة لهذه القيود، يواجه قطاع الطاقة عقبات عديدة، فعلى سبيل المثال، غالباً ما يتطلب بناء خطوط النقل المرور عبر المنطقة “ج”، الأمر الذي يتطلب موافقات من الاحتلال الإسرائيلي الذي يمنع أو يماطل بناء خطوط جديدة، أو حتى يمنع إجراء أعمال الصيانة للخطوط القائمة، ما يبقي أثر العوامل الجيوسياسية عائقاً أمام تنمية هذا القطاع.
وعلى الرغم من إحراز العديد من الإنجازات في قطاع الطاقة، فقد ساهم عدم المواءمة والتنسيق بين الوزارات والمؤسسات المختصة وذوي العلاقة، في عدم وضوح هيكل قطاع الطاقة، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الإرباك في البيئة التشريعية، ما يشكل عقبة إضافية للتقدم في هذا القطاع والاستثمار فيه.
يمكن مشاهدة وتحميل الورقة كاملة : توجهات استراتيجية لإدارة الانتقال نحو الطاقة المتجددة في فلسطين (mas.ps)