أهمية تبني خطط الادخار طويل الأمد لتحقيق الرفاه المالي للموظفين
في مشهد الأعمال التنافسي اليوم، تدرك الشركات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي أهمية تقديم خطط ادخار في مكان العمل لجذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها. ولا تقتصر فائدة هذه الخطط على الموظفين فحسب، بل تؤثر كذلك على ثقافة الشركات والربحية طويلة الأجل لها.
ومن خلال عملي كرئيس تنفيذي في شركة “إيكويفو”، الشركة التقنية الرائدة في حلول الادخار المالي للموظفين، فقد شاهدت الأثر المباشر لهذه الخطط على كل من أصحاب العمل والموظفين. وفي هذا المقال، سأقوم بتوضيح الأسباب المقنعة لقيام الشركات بتبني خطط ادخار في مكان العمل، وكيف يمكّن للموظفين من زيادة امتيازاتهم، وكيف تتوافق هذه الخطط مع قوانين العمل في دول مجلس التعاون الخليجي. سأقوم كذلك بتقديم آراء خبراء القطاع مثل “ساندرين باردوت”، مستشارة مستقلة متخصصة في إجمالي المكافآت والرئيسة السابقة للتعويضات والمزايا العالمية في مبادلة وماجد الفطيم، بالإضافة إلى “آن ماري كامبيل”، رئيسة قسم الموارد البشرية والرئيسة السابقة للموارد البشرية للمطارات والخطوط الجوية القطرية ومجموعة الشايع.
لماذا يجب على الشركات توفير خطط ادخار في مكان العمل: تعمل خطط الادخار في مكان العمل كأداة فعالة للشركات لجذب والاحتفاظ بأفضل الموظفين. وفي السوق العالمي التنافسي، يبحث المواهب دائماً عن فرص توفر الأمن المالي والمستقبل الواعد. ومن خلال تقديم عروض الادخار، ترسل الشركات رسالة قوية بأنها تعطي الأولوية للرفاه المالي لموظفيها. بالإضافة إلى ذلك، ومع إدخال ضريبة الشركات والفوائد المحتملة المرتبطة بالمساهمة في هذه الخطط، قد تتوقع الشركات فوائد ملموسة. ومن خلال خبرتي الاستشارية، فقد شاهدت نجاحاً كبيراً للشركات التي تتبنى هذه الخطط، وتفهم بأنها ترتيب مفيد للطرفين، حيث يؤثر الأمن المالي للموظفين مباشرة على نجاح الشركة بشكل عام.
ولتأكيد هذه النقطة، في حوار دار مؤخراً مع “آن-ماري كامبيل”، حيث تحدثت عن تجربتها أثناء عملية إعادة هيكلة إحدى الشركات. وتتذكر “آن-ماري” في يوم الإعلان بـأنه “امتلأ مكتبها بالموظفين الذين يطلبون عدم تحويل مكافأة نهاية الخدمة إلى البنك، حيث يتم ايداع رواتبهم العادية. وكانت الضائقة التي أعرب عنها الموظفون حقيقية. حيث لم يكن لديهم أي وسيلة أخرى للحصول على المال لتلبية احتياجاتهم اليومية”. ويؤكد هذا السيناريو حاجة الشركات للقيام بدور استباقي في دعم الرفاه المالي للموظفين على المدى الطويل.
امتيازات الموظفين: تقدم خطط الادخار العديد من الامتيازات للموظفين. حيث تعمل كشريك صامت، يساهم بشكل ثابت في مدخرات الموظفين حتى دون أن يلاحظوا. ومع مرور الوقت، تتراكم هذه المساهمات الثابتة لتكون مبلغ كبير، مما يمنح غطاء أمني لتلبية الاحتياجات الأساسية في الحياة، كشراء منزل. تدعم العديد من الدراسات الفكرة القائلة بأن المساهمات المنضبطة والمتسقة تؤدي إلى نتائج أفضل على المدى الطويل من خلال محاولة التنبؤ بحركة السوق. وفي الواقع كشفت دراسة أجرتها S&P Dow Jones بأنه لا يوجد صندوق استثمار يتفوق باستمرار على أداء السوق القياسي على مدى السنوات الخمسة الماضية. وهذا يعكس فعالية الاستثمار الثابت والمنضبط على محاولة “التغلب على متغيرات السوق.”
ومن خلال حواري مع “آن-ماري كامبيل”، قدمت ملاحظة مهمة قائلة: “بينما تقدم خطط الادخار امتيازات للموظفين، فإن فعاليتها معرضة للخطر، في حالة أن يفتقر الموظفون إلى المعرفة الأساسية بالتخطيط المالي.” وأكدّت على الدور المحوري لهذه الخطط في تعزيز التفكير المالي طويل الاجل والاستقرار للموظفين. كما أشارت إلى انه ورغم ان العديد من الموظفين يبقون في الشركات بسبب النمو الملحوظ لفوائد نهاية الخدمة، ليست كل مكافأة نهاية الخدمة مضمونة كما كان جلياً خلال فترة حائجة كوفيد-19. وعليه، فإن خطط الادخار في مكان العمل تشكل حماية لا تقدر بثمن من الأمن المالي للموظفين، تكمل مكافأة نهاية الخدمة وتعزز مرونة مالية أكبر.
تأثير ثقافة الشركة والربحية: إن تقديم خطة ادخار قوية لها تأثير عميق على ثقافة الشركة، حيث إنها تعكس اهتمام أصحاب العمل بصدق الرفاه المالي الحالي والمستقبلي لموظفيهم. كما قال “رتشارد برانسون”: “الموظفين أولاً. اذا اعتنيتم بموظفيكم، فإنهم سيعتنون بالعملاء.” وهذه الأولوية لرفاه الموظفين تعزز المشاركة، وتؤدي إلى أداء وربحية أفضل. وبناءً على تقرير غالوب Galloup، فإن الشركات التي تتمتع بمشاركة عالية من الموظفين تتفوق في أدائها على الشركات ذات الأداء الضعيف بنسبة عالية تصل إلى 202%. وعليه، فإن خطة الادخار لا تقتصر امتيازاتها على الموظفين فقط، بل تساهم في ثقافة الشركة الإيجابية والمزدهرة.
وتؤمن “ساندرين باردوت” بأهمية خطط الادخار. ووفقاً لها، فإن الخطط تخلق بيئة من الثقة والأمان والتفكير طويل الأجل للموظفين، مما يؤدي إلى تعزيز الانتاجية في نهاية الأمر. كما تؤكد “ساندرين” أنه على الرغم من التكاليف الأولية لتنفيذ خطط الادخار، فإن الفوائد طويلة الأجل، مثل انخفاض معدل دوران الموظفين وجذب أفضل المواهب، مما يعزز ربحية الشركة بشكل كبير بمرور الوقت.
زيادة الامتيازات: لتحقيق الاستفادة القصوى من خطط الادخار في مكان العمل، يجب على الموظفين التركيز على المساهمات المناسبة والبدء في وقت مبكر واتخاذ خيارات استثمارية مستنيرة. ومع ذلك، فإن أحد أهم الجوانب المهمة التي يتجاهلها الكثيرون هو تأثير الرسوم. حتى الرسوم التي تبدو صغيرة يمكن أن يكون لها تأثير كبير طويل الأجل على المدخرات. وعلى سبيل المثال، رسم بنسبة 1% مقابل رسم بنسبة 2% يمكن أن يؤدي إلى فرق قدره 135,000 دولار على مدى 30 عاماً للموظف الذي يساهم بمبلغ 10000 دولار سنوياً، لذلك يجب على الموظفين أن يكونوا حريصين في اختيار الخطط برسوم منخفضة لتعزيز نمو مدخراتهم.
واستناداً لرؤى “ساندرين باردوت” القيّمة، يتضح أن مشاركة الموظفين في خطط الادخار في مكان العمل تتجاوز مجرد المساهمات. وترى “اعتماداً على تفاصيل الخطة، قد يكون للموظفين خيارات حين يتعلق الأمر بكيفية توفير أموالهم أو استثمارها.” وهذا يؤكد أهمية تخصيص هذه القرارات حسب الأهداف المالية للفرد وتحمل المخاطر. ولأجل ذلك، يكون للموظفين دور فعَّال في إدارة مدخراتهم، وتعظيم الفوائد والنمو المحتمل لخطط الادخار في مكان العمل. ومن خلال تمكين الموظفين من اتخاذ القرارات المناسبة، يمكن للشركات تعزيز الشعور بالملكية المالية والمسؤولية بين القوى العاملة لديها، مما يساعد على زيادة مشاركة القوى العاملة وتعزيز أمنها المالي على المدى الطويل.
التوافق مع قوانين وثقافة العمل في مجلس التعاون الخليجي: وضعت كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أهدافاً لجذب المواهب وزيادة مدخرات الأسرة على التوالي. وتتماشى هذه التطلعات مع أهمية خطط الادخار في مكان العمل. ومن خلال خبرتي الاستشارية مع الحكومات وصناديق المعاشات في المنطقة، فإنه من الواضح أن خطط الادخار التكميلية ضرورية لبناء نظام تقاعد مستدام. ويتماشى هذا مع توصيات البنك الدولي ويؤكد أهمية هذه الخطط للموظفين والاقتصاد بشكل أكبر. ومن خلال تطبيق خطط الادخار في مكان العمل، تتخذ دول مجلس التعاون الخليجي خطة مهمة تجاه تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية طويلة الأجل.
وفي الختام، برزت خطط الادخار في مكان العمل كأداة فاعلة للشركات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي لجذب المواهب والإبقاء عليهم بينما تعزز ثقافة الرفاه المالي. ومن خلال إعطاء الاولوية للأمن المالي للموظفين وتقديم فرص ادخار طويل الأجل، توجه الشركات رسالة واضحة لدعم الموظفين والاهتمام بهم، وفي المقابل، الاستفادة من المساهمات الثابتة، وزيادة المشاركة، وإمكانية النمو المالي الهائل. ومع استمرار تطور طموحات المنطقة، تتوافق خطط الادخار في مكان العمل مع قوانين العمل والتطلعات الثقافية، وتلعب دوراً مهماً في بناء نظام تقاعدي مستدام. وإن شركة “إيكويفو” فخورة أن تكون في الطليعة في تقديم منصة متطورة تمكن الموظفين وتعزز استقلالهم المالي في منطقة الشرق الأوسط.