التجارب السياحية في الإمارات عقب انجلاء جائحة كوفيد-19
يعتبر قطاع السياحة والسفر من الركائز الأساسية للاقتصاد الإماراتي، وواحداً من أكثر القطاعات تضرّراً بجائحة كوفيد-19 التي أحدثت تغييراً جذرياً في أسلوب التعامل والتخطيط للسفر في مختلف أنحاء العالم.
وحددنا فيما يلي بعض العوامل التي قد تساعد الإمارات على تعزيز ثقة الزوار والمسافرين في حقبة ما بعد جائحة كوفيد-19.
عامل التكيّف شرط أساسي لاستمرار قطاع السياحة والسفر الدولي
أجرت إكسبيرينس لاب، وكالة تصميم الخدمات وتجارب العملاء التي أطلقتها سيركو، دراسة لتحديد آراء الناس حول مسألة السفر في هذا المناخ، وكشفت وجود تباين كبير في الآراء، حيث أعرب 83٪ من المشاركين عن قلقهم بشأن السفر دوليًا حتى يتم احتواء الفيروس، بينما قال 16٪ إنهم لا يستطيعون الانتظار للسفر لقضاء الإجازات في أسرع وقت ممكن. و 55٪ يؤجلون السفر لحين إيجاد لقاح أو علاج فعال.
ومع ذلك، تبيّن الآراء التي قدمها المشاركون في الدراسة وجود تردد كبير في مسألة السفر، غير مرتبط بالضرورة بمخاوف تتعلق بالسلامة الشخصية للمسافرين، وإنما بمستوى الثقة حول مدى التزام الآخرين بالإرشادات الصحيّة لمكافحة العدوى. وفي ظل المؤشرات الحالية ومخاطر نشوء موجة ثانية من الفيروس، فإن للمسافرين الحق بأن يقلقو ا من أن التزامهم شخصياً بقواعد الوقاية لا يعني التزام الآخرين من حولهم بها.
الرسائل الواضحة من الحكومة المحلية عامل رئيسي لاستعادة الثقة في قطاع السياحة والسفر في الشرق الأوسط وسائر أنحاء العالم.
بينت نتائج دراسة إكسبيرينس لاب أنه على الرغم من بدء المسافرين في التخطيط والانطلاق في رحلات مع تراجع تأثيرات الجائحة، إلا أن العامل الرئيسي هو توافر معلومات دقيقة وشفافة. وينطبق ذلك على المسافرين إلى الإمارات ومختلف أنحاء العالم. إذ نجد ارتباكاً واضحاً حول الخطوات الواجب اتباعها قبل السفر، والقيود المفروضة، والحاجة لإجراء اختبار، وتوقيت الاختبار، والوثائق المطلوبة، وما إلى ذلك من متطلبات. ويمكن أن تحدد الحكومات مصدر معلومات مركزي للمسافرين، يسهم في توضيح مختلف جوانب الرحلة، ويتيح لهم خوض تجربة السفر بثقة أكبر مع اتباعهم للإجراءات الصحيحة.
إعادة تصميم تجربة المستخدم عامل ضروري لتعزيز ثقة الزوار في السفر إلى الإمارات
سارعت دولة الإمارات العربية المتحدة للاستجابة لتحديات الجائحة، وتكيّفت مع الأساليب المعتمدة في أداء حتى أبسط الأنشطة، مثل طلب الوجبات في المطاعم، حيث يمكن الآن استعراض قوائم المأكولات عبر رمز الاستجابة السريعة. ويكمن الحل في الإصغاء إلى احتياجات المسافرين وتوقعاتهم واستخدام هذه البيانات في تصميم حلول مخصصة للمشاكل المطروحة في هذه الحقبة الجديدة. وللتكنولوجيا دور بالغ الأهمية في ذلك، كونها تعزز قدرتنا على تقديم مزيد من الخدمات بشكل غير تلامسي بالكامل. وإذا أخذنا قطاع السفر على سبيل المثال، يمكن أن نلغي النماذج الورقية التي يتوجب على المسافرين تعبئتها، واستبدالها بملف رقمي يحمل بياناتهم الخاصة، التي يتم تخزينها بصيغة يسهل مشاركتها مع موظفي المطارات. ولا شك أن جائحة كوفيد-19 أدت إلى تسارع عجلة التحوّل الرقمي في معظم القطاعات، بما يشمل قطاع الضيافة والسفر. ومع تكيّف القطاع مع الوضع الراهن، ينبغي تصميم التجارب الجديدة بشكل يخفف من المخاوف المرتبطة بمرض كوفيد-19.
تغيير موعد إكسبو 2020 وتطبيق إجراءات وقائية إضافية لضمان راحة بال الزوار
يحتمل أن تستمر تأثيرات كوفيد-19 إلى حين انعقاد إكسبو 2020 في موعده الجديد، إذ ينبغي أن يعيد منظّمو الحدث تحليل تجربة الزوار استعداداً لهذه الفعالية الضخمة المرتقبة. وينبغي أن تراعي مختلف فعاليات الحدث، التي تتمحور حول المؤتمرات والكلمات وورشات تعزيز العلاقات والحفلات الموسيقية، معايير التباعد الاجتماعي، وتعزز سبل السيطرة الشاملة على العدوى. ولا يزال هنالك متسع من الوقت لاتخاذ الإجراءات اللازمة، ونحن متحمسون لرؤية الإجراءات المتقدمة التي سيتم اتباعها في هذا المجال وخصوصاً تلك التي تتماشى مع موضوعات إكسبو 2020.
مطارات الإمارات سيكون لها دور كبير في منح المسافرين شعوراً بالأمان عند وصولهم إلى الدولة
أظهر بحثنا أيضًا أن 43٪ من الأشخاص سيسافرون في أسرع وقت ممكن، وغالبًا ليزوروا أسرهم التي لم يروها خلال الأزمة، لكنهم سيتخذون احتياطات إضافية. كما وأعرب الكثيرون عن حاجتهم إلى طمأنة شركات الطيران والوجهات حول تدابير السلامة المعمول بها.
ستلعب مطارات الإمارات دوراً بالغ الأهمية في استقبال المسافرين إلى الدولة، حيث سيتوافد الزوار إلى الإمارات من شتى أنحاء العالم، وسط اختلاف الإجراءات المتبعة في وطنهم عما هو متوقع في الإمارات. وعند وصولهم، من المهم أن يعتاد المسافرون بسرعة على القواعد، وأن يلتزم الجميع باتباع ممارسات التباعد الاجتماعي ومكافحة العدوى، ما يسهم في مساعدتهم على الشعور بالأمان.
ومن المهم أيضاً ضمان حصول المسافرين على المعلومات الصحيحة، وفي الوقت المناسب، دون أن يُطلب منهم فهم جميع القواعد واللوائح قبل وصولهم إلى الدولة، ولا سيّما مع تغيّرها المستمر وفقاً للوضع الراهن. ويعتبر التعاطف من العوامل الرئيسية في توفير تجربة سفر إيجابية، وينبغي أن يتفهم الموظفون أسباب قلق المسافرين، بغض النظر عن مدى خبرتهم.
تحقيق تجربة عملاء من فئة الخمس نجوم في العالم الذي نعيش فيه الآن، سيكون أمراً صعباً، وسيتجه التركيز نحو تزويدهم بمشاعر التعاطف والأمان.
ستتجه الشركات نحو التركيز على الشعور بالأمان، وتوفير إجراءات وقائية مثبتة الفعالية. وسيكون أي فندق، على سبيل المثال، مضطراً لتوضيح الإجراءات المتبعة للحد من مخاطر التعرّض للإصابة والعدوى. وبالمثل، سيكون على المطارات اعتماد منهجية متعاطفة مع المسافرين لاستعادة الثقة في السفر، ما سيؤثر بشكل كبير على زيادة عدد الزوار الوافدين إلى الإمارات من شتى أنحاء العالم.
وختاماً، ينبغي ألا ننسى توجهات السفر المتوقعة مع مطلع العام، مثل التوجه نحو قطاع سياحي أكثر استدامة، إذ يودّ المسافرون الشعور بالأمان، بالإضافة إلى الاطلاع على حلول مسؤولة في مجال التعامل مع مخاطر جائحة كوفيد-19، حيث شهدنا ازدياد الاعتماد على المعدات الشخصية المخصصة للاستخدام مرة واحدة لحماية المسافرين، إلا أنه يتوجب على القطاع وضع معايير تحقق التوازن المطلوب بين حماية المسافرين والحفاظ على البيئة.