تسليط الضوء على فجوة المهارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
أصدر معهد إدارة المشاريع (PMI)، المؤسّسة المهنيّة الرائدة عالميّاً للمتخصّصين في إدارة المشاريع وصنّاع التغيير، تقريراً يتناول الفجوة الحاصلة بين الطلب المتزايد على مهارات إدارة المشاريع ومدى توفّر المواهب. ووفقاً للبحث الذي قام به معهد إدارة المشاريع – تحت مسمى فجوة المواهب: توجّهات التوظيف لعشر سنوات، والتكاليف، والتداعيات العالمية لعام 2021 – تتيح هذه الفجوة المستمرة المجال أمام فرص التوظيف الجديدة في مجال إدارة المشاريع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك نظراً للنمو الاقتصادي في المنطقة.
يشير التقرير إلى أن الاقتصاد العالمي بحاجة إلى 25 مليون محترف جديد في مجال إدارة المشاريع مع حلول عام 2030. أي على 2.3 مليون شخص جديد من مدراء المشاريع وصنّاع التغيير أن ينضموا إلى سوق التوظيف كل عام، وأن يشغلوا الأدوار الموجّهة إلى إدارة المشاريع سعياً وراء سد هذه الفجوة. علماً أن الفجوة بين المواهب المتوفّرة والطلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تزايد مستمر، نظراً لارتفاع معدّلات البطالة بين الشباب وحقيقة أن ثلثي التعداد السكاني هم تحت سن الـ35. الأمر الذي قد ينتج عنه خسائر تصل إلى 3 مليار دولار أمريكي في إجمالي الناتج المحلي للمنطقة مع حلول عام 2030.
وكما أشارت الدراسة، إن تطوير مهارات القوى العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتزويد الجيل الجديد من المواهب بمهارات إدارة المشاريع اللازمة سيكون عاملاً أساسياً في الحد من هذه الفجوة وإنهائها. وعلى الرغم من التحدّيات الناجمة عن معالجة القصور في عدد محترفي إدارة المشاريع المؤهلين في المنطقة، إلا أن النتائج التي توصّل إليها معهد إدارة المشاريع تدعو للتفاؤل. ومع ارتفاع معدل الطلب السنوي في المنطقة على الأدوار المتعلقة بإدارة المشاريع، والمتوقّع أن يصل إلى 2.6 مليون شخص بحلول عام 2030، فإن معدّل النمو المقدّر للأدوار المتعلقة بإدارة المشاريع والبالغ 37% يبدو واعداً.
من الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية قد شهدت تدفّقاً ملحوظاً في عدد المواهب المنضمّة إلى قطاع إدارة المشاريع في السنوات الأخيرة. هذا وتُصنّف اليوم مهنة إدارة المشاريع كإحدى المهن الخمس الأكثر شعبية على حد تعبير الخبراء العاملين في المملكة.
ويعزى هذا النمو والشعبية إلى جهود القيادات المحليّة الساعية إلى تعزيز الاقتصاد الوطني. فقد تم إطلاق برنامج رؤية المملكة لعام 2030 لمعالجة المشكلات البيئية وإيجاد الحلول المستدامة لها، ويتضمن ذلك إنشاء هيئة إدارة المشاريع الوطنية (NPMO) لتحسين جودة تنفيذ المشاريع في الأجهزة العامة.
تسعى هيئة إدارة المشاريع الوطنية، والمعروفة باسم “مشروعات”، إلى مساعدة الهيئات الحكومية السعودية في بناء مكاتب إدارة المشاريع الخاصة بها، سعياً وراء الحد من أوجه القصور وقلة الكفاءة، وتحسين إدارة مشاريع البنى التحتية واسعة النطاق، بما في ذلك العديد من المشاريع الأخرى المندرجة في خطة رؤية البلاد لعام 2030 والتي تهدف إلى تنويع سبل الاقتصاد بعيداً عن قطاع النفط.
هذا وقد حققت الإمارات العربيّة المتّحدة نقلة نوعية في اقتصاد المنطقة عبر الاستثمار في قدراتها على إدارة المشاريع. كما أطلقت الدولة عدداً من المبادرات بما يتماشى مع الأجندة الوطنية لرؤية عام 2021 لبناء اقتصاد قوي قائم على الابتكار والمعرفة. ومن المتوقّع أن يؤدي هذا التحول الملحوظ من قطاع النفط والغاز إلى قطاعات أخرى أكثر استدامة إلى نمو العديد من المشاريع في مجالات التصنيع، وأتمتة المعلومات، والسياحة، والنقل، مما سيؤدي إلى توفّر المزيد من فرص التوظيف المرتبطة بإدارة المشاريع، وذلك وفقاً لما ورد في التقرير الأخير لمعهد إدارة المشاريع. وكما هو الحال في المملكة العربية السعودية، تتمتّع دولة الإمارات العربيّة المتّحدة بالمؤهلات اللازمة التي تمكّنها من الاعتماد على نمو مجالات إدارة المشاريع فيها، ولا سيما بعد إطلاقها لبرنامجها الحكومي لتدريب واعتماد 500 موظف حكومي يعملون على تنفيذ عدد من المشاريع المتعلقة برؤية دولة الإمارات لعام 2021 وأجندتها الوطنية.
وبالتوازي مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربيّة المتّحدة، قامت دولة قطر بإطلاق عدد من المبادرات والبرامج للنهوض باقتصاد الدولة ودعم قطاع إدارة المشاريع بمختلف جوانبه. إذ تهدف رؤية قطر الوطنية 2030 إلى تحويل قطر إلى دولة متقدّمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وتأمين معيشة عالية المستوى لكافة أفراد شعبها. كما تتصدّر التنمية البيئية قائمة اهتماماتها سعياً إلى تحقيق مستقبل مستدام عبر عدد من المشاريع المستقبلية الساعية إلى تخفيض معدلات إنبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. هذا وتستعد قطر لاستضافة أول دورة محايدة للكربون في تاريخ بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، على أرض ملاعبها التي تعمل بالطاقة الشمسية وأحدث تقنيات التبريد والإضاءة.
من المتوقع أن تساهم هذه السياسات والمشاريع واسعة النطاق في تحويل وجه إدارة المشاريع في قطر بما يضمن نموها المستمر.
وتجدر الإشارة إلى أن معهد إدارة المشاريع يلتزم دائماً بتزويد الحكومة الاتحادية بالموظفين المؤهلين والمتمتعين بالمهارات اللازمة لإدارة المشاريع بنجاح.
في هذا السياق، قالت غريس نجّار، المدير الإداري لمعهد إدارة المشاريع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “يُقدّم تقرير معهد إدارة المشاريع الأخير رؤية ثاقبة حول قطاع إدارة المشاريع في المنطقة، مسلّطاً الضوء على التحديّات الملحّة، ومبيّناً فرص النمو والتطور. هذا وقد شهدت دول مجلس التعاون الخليجي نهوض جيل جديد من القادرين على إدارة المشاريع بنجاح، كل هذا بفضل توجيهات وإرشادات القيادة المحلية. لذا، يتوجب علينا الاستمرار في تمكين المزيد من الأفراد من تحقيق أقصى إمكانياتهم وتوليتهم أدوار فعّالة ومؤثرة في مجال إدارة المشاريع. الأمر الذي من شأنه أن يساعد في القضاء على فجوة المهارات وتحقيق استراتيجية المنطقة في وضع أسس لمستقبل أفضل وأكثر إشراقاً للأفراد، والأعمال، وكافة المجتمعات في دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ككل.”
للمزيد من المعلومات حول فجوة المهارات ولمعرفة تفاصيل الإحصائيات التي تدعم هذه النتائج، يرجى الاطلاع على تقرير فجوة المهارات كاملاً عبر الرابط: https://www.pmi.org/learning/careers/talent-gap-2021
لمحة عن معهد إدارة المشاريع (PMI)
معهد إدارة المشاريع هو مؤسّسة مهنيّة رائدة عالميّاً تضمّ مجتمعاً متنامياً من ملايين المهنيين المحترفين في مجال إدارة المشاريع وصنّاع التغيير من مختلف أرجاء العالم.
وباعتباره الهيئة والسلطة الرائدة عالميّاً في مجال إدارة المشاريع، يعمل المعهد على تمكين الأفراد من تحويل أفكارهم إلى حقيقة، عبر تقديم الدعم والتواصل والتعاون والأبحاث والتعليم. كما يسعى إلى تحسين المسيرات المهنية للأفراد والمنظمات وحثهم على العمل بطريقة أفضل وأذكى لتحقّق نجاحها في عالم من التغيّرات والتطور.
ونظراً لإرثه العريق الذي يعود إلى عام 1969، يعد معهد إدارة المشاريع منظّمة “هادفة”، تعمل في معظم دول العالم على النهوض بالمسارات المهنية، وتعزيز نجاح المؤسسات، وتزويد صنّاع التغيير بالمهارات وطرق العمل المُجدية والجديدة ليكون لبصمتهم أثر أكبر. كما يسعى إلى إغناء إدارة المشاريع من خلال ما يقدّمه من المعايير، والشهادات، والدورات التدريبية عبر الإنترنت، والقيادة الفكرية، والأدوات، والمنشورات الرقمية، ومجتمعات التواصل، والمعتمدة جميعها على مستوى العالم.