English / العربية / Français / ελληνικά

English / العربية / Français / ελληνικά

تطوير أول شريحة إلكترونية فلسطينية

تطوير أول شريحة إلكترونية فلسطينية

أندريا ماروسيتش، جيانلوكا ميلي، يوهان بيورمان بيرجمان ، زكريا سابيلا

البنك الدولي: يؤثر الصراع الدائر في الشرق الأوسط تأثيراً غير مسبوق على الاقتصاد وأنشطة القطاع الخاص في غزة والضفة الغربية على السواء. فقد أصيبت المشاريع وأنشطة الأعمال في غزة بشلل تام، في ظل ما لحق بجزء كبير من المؤسسات من أضرار أو أعمال تدمير، وتشريد العديد من أصحاب الأعمال والموظفين. أما ما تبقى من الأنشطة الاقتصادية فمعظمه غير رسمي، حيث يتم التركيز على السلع الأساسية التي تُباع في السوق السوداء بأسعار باهظة دون أي ضوابط. وفي الضفة الغربية، أفادت جميع مؤسسات الأعمال والشركات تقريباً بأنها تضررت أيضا من جراء هذا الصراع. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتجنب تسريح العمالة، أشار نحو ثلثي الشركات في الضفة الغربية إلى خفض أعداد العمالة بشكل أو بآخر، وتراجع دخل 87.2% من العمالة منذ اندلاع الصراع. وانكمش اقتصاد الضفة الغربية وحده بنسبة 23% في الربع الثاني من عام 2024، في حين انكمش اقتصاد قطاع غزة بنسبة صادمة بلغت 86%، في الفترة نفسها.1 ووصلت معدلات البطالة إلى مستويات قياسية، تجاوزت 50% في المتوسط. في سياق النزاع والعنف القائم مسبقًا، زادت التطورات الأخيرة من زعزعة الاستقرار.

وفي خضم هذه التحديات، يبرز قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كمصدر للأمل. فخدماته المتنوعة مثل تطوير البرمجيات والدعم الإداري والبحوث تمكن الشركات الفلسطينية من تجاوز القيود والاستمرار في الأسواق الإقليمية والعالمية وواقع الأمر أن غزة كانت تشتهر في المنطقة قبل الصراع بأنها مركز للمبرمجين المحترفين ذوي المهارات العالية في تقنيات الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من نوبات العنف المتكررة والقيود الخارجية المفروضة على الاقتصاد، استفادت شركات تكنولوجيا المعلومات الفلسطينية من نمو صادرات خدمات تكنولوجيا المعلومات عالميا. واليوم، يعمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما في ذلك شركات الاتصالات ومقدمو خدمات الإنترنت، نحو 15 ألف شخص ويسهم هذا القطاع بنحو 3.3% من إجمالي الناتج المحلي.2

The World Bank
أعضاء فريق أوريون، وممثلون عن وزارة الاتصالات والتكنولوجيا الرقمية الفلسطينية (وحدة التنفيذ)، والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (الجهة المانحة الرئيسية للمشروع).

ويقدم إنشاء شركة أوريون الفلسطينية لتصميم أشباه الموصلات في الآونة الأخيرة مثالاً حياً على قوة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في خلق وظائف عالية التقنية في ظروف بالغة الصعوبة ومليئة بالتحديات. وأوريون، التي يقع مقرها في مدينة روابي بالضفة الغربية والتي تأسست في عام 2022، هي أول شركة فلسطينية متخصصة في مجال التكامل واسع النطاق (VLSI)، وهي العملية التي يتم من خلالها دمج ملايين أو مليارات الترانزستورات في شريحة واحدة. وتمثلت رؤية الشركة في إقامة صناعة متخصصة في مجال تصاميم التكامل واسع النطاق في الشرق الأوسط لدعم تدريب وتشغيل المهندسين المختصين للوصول إلى أرقى المستويات العالمية. وتهدف الشركة في إنشاء أول شريحة شبه موصلة وتطويرها في الأراضي الفلسطينية. وسيتم تصميم الشريحة بحيث يمكن دمجها في مجموعة من الأنظمة، بما في ذلك الأجهزة المنزلية وتطبيقات السيارات، مع التركيز بشكل كبير على أمان البيانات.

وحظيت أوريون بدعم من مشروع التكنولوجيا من أجل الشباب وفرص العمل (TechStart)، التابع لوزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي الفلسطينية، وحصلت على مساعدة مالية وفنية من البنك الدولي. ويركز المشروع – الذي يستفيد أيضاً من التمويل المشترك من الاتحاد الأوروبي وسويسرا وهولندا – على تطوير جانبي العرض والطلب في صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لزيادة المرونة الاقتصادية وخلق فرص عمل للشباب. وقد عمل هذا المشروع، الذي تم إطلاقه في ذروة تفشي جائحة كورونا ويستمر حتى عام 2028، على جذب أكثر من 5 ملايين دولار من الاستثمارات الخاصة في شركات خدمات تكنولوجيا المعلومات الفلسطينية، وخلق 800 فرصة عمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات. وهذه النتائج مبهرة بالنظر إلى التحديات الفريدة التي يشهدها السياق الفلسطيني.

رغم أن استعراض الدروس المستفادة يتطلب مزيداً من التفاصيل ولا يمكن حصره في مدونة واحدة، فإن تسليط الضوء على الآليات التي يستخدمها هذا المشروع للمساعدة في تطوير وتنمية شركة أوريون يمكن أن يفيد في تصميم برامج وأنشطة تدخلية في سياقات أخرى. وكانت أهم هذه الآليات:

  1. الوصول إلى الخبرات العالمية: ساعد برنامج تحسين المهارات (UpSkill) في إطار هذا المشروع على انضمام خبير كبير في مجال التكامل واسع النطاق من الفلسطينيين المقيمين في الولايات المتحدة إلى شركة ASAL، وهي شركة محلية تقدم خدمات تكنولوجيا المعلومات. وقام هذا الخبير بتشكيل فريق، ووضع خطة عمل، بالإضافة إلى وضع الأساس لإنشاء شركة أوريون.
  2. الحد من مخاطر تأسيس الشركات: قدم برنامج بايونيير (Pioneer) التابع للمشروع منحة للمساعدة في إنشاء أوريون بوصفها شركة مستقلة، مما خفف من المخاطر المرتبطة بإطلاق مشروع جديد من خلال زيادة الموارد المالية اللازمة لتحقيق الأرباح.
  3. تنمية المواهب المحلية: عمل برنامج تحسين المهارات UpSkill على دعم تشغيل وتدريب الشباب الفلسطيني للعمل كمهندسين في مجال التكامل واسع النطاق. وأدى هذا الجهد إلى زيادة فريق شركة أوريون من 6 مهندسين في عام 2023 إلى نحو 42 مهندساً في منتصف عام 2024 ، مما عزز القدرات المحلية على نحو كبير.

تسلط قصة نجاح أوريون الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه التكنولوجيا والروابط مع الأسواق الدولية في تعزيز المرونة الاقتصادية والقدرة على التكيف في البيئات المتأثرة بحالات الهشاشة والصراع والعنف. تقدم أوريون خدمات عالية القيمة لشركات دولية، مما يزود الشباب الفلسطيني بمهارات تكنولوجية مطلوبة في السوق الدولية، ويخلق فرص عمل جيدة، ويحد من هجرة العقول، ويبني سمعة للضفة الغربية كمركز لخدمات التعهيد  (outsourcing)ذات المهارات العالية.  بدعم من مشاريع مثل مشروع التكنولوجيا من أجل الشباب وفرص العمل (TechStart)، يمكن توسيع نطاق هذه النماذج حتى في السياقات الصعبة والمليئة بالتحديات. ومع التطورات التكنولوجية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والتي تفرض تحديات جديدة قد تزيد الفجوة الرقمية، يُعد هذا الوقت حاسمًا للمنظمات الدولية والحكومات لتعزيز الدعم لتطوير صناعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المحلية ووظائف رقمية عالية الجودة.

البنك الدولي

spot_img
spot_img

Latest articles

Related articles

spot_img