توقعات سعر الذهب وسط تقلبات نادرة للبيانات الاقتصادية
تحليل الاسواق لليوم عن رانيا جول محلل أسواق في الشرق الأوسط
يكافح سعر الذهب (XAU/USD) للاستفادة من مكاسبه المتواضعة التي سجلها خلال اليومين الماضيين ويتم تداوله بانحياز سلبي خلال تعاملات اليوم الأربعاءبالقرب من 2312.34 دولار. ومع ذلك، فإن الانخفاض يفتقر إلى المتابعة حيث ينتظر المتداولون بحذر صدور أحدث أرقام تضخم أسعار المستهلكين من الولايات المتحدة ونتائج اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) في وقت لاحق من اليوم. ومن المفترض أن يوفر هذا إشارات جديدة حول التوقيت الذي سيبدأ فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، والذي سيحدد المسار على المدى القريب لسعر الذهب الذي لا يدر عائدًا.
ومن وجهة نظري فإنه وبسبب مخاطر البيانات والأحداث الرئيسية المرتقبة والتي من النادر جداً أن تصدر في نفس اليوم، قام المستثمرون بخفض توقعاتهم على تيسير السياسة النقدية من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر وسط سوق عمل أمريكي قوي وتضخم ثابت.
وهذا يساعد الدولار على التداول بثبات بالقرب من أعلى مستوى خلال شهر واحد، ويتضح أنه عامل رئيسي يعمل بمثابة ضغط سلبي لسعر الذهب. ومع ذلك، يبدو أن الجانب السلبي قد تراجع في أعقاب تجدد حالة عدم اليقين السياسي في أوروبا والتوترات الجيوسياسية المستمرة. وهذا يستدعي بعض الحذر لمراكز بيع الذهب الجديدة.
واليوم تتوقع الأسواق أن تبقى أسعار الفائدة في الولايات المتحدة مرتفعة لفترة أطول، وهذا يؤثر على سعر الذهب. أشارت بيانات الوظائف غير الزراعية الأمريكية(NFP) يوم الجمعة إلى أن سوق العمل المرن وارتفاع الأجور قد يستمران في دفع التضخم إلى الارتفاع. وهذا بدوره قلل من احتمالات أن يرى بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه من المناسب خفض أسعار الفائدة في سبتمبر. لذا باعتقادي يؤدي الحفاظ على أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائدًا، مما يجعله أقل جاذبية للمستثمرين.
لذا يترقب المستثمرون الآن بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي لشهر مايو من أجل الحصول على تعليقات حول المسار الحالي للتضخم. من المتوقع أن ترتفع الأسعار بنسبة 0.1% على أساس شهري و3.4% على أساس سنوي. ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار الأساسية بنسبة 0.3% و3.5% على التوالي. ومن رأيي ستؤدي القراءات الأعلى من المتوقع إلى تعزيز رواية التضخم التي تصورها بيانات الوظائف، مما يقلل من احتمالية التخفيض بحلول سبتمبر، والتي تبلغ حاليًا 53٪ ومن ثم سيصبح شهر نوفمبر هو الشهر الأكثر ترجيحًا لبدء بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة. ومن المحتمل أن يؤدي مثل هذا السيناريو إلى رد فعل هبوطي في الذهب.
وبعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين ستأتي بيانات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. وعلى الرغم من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يرى تغيرًا في أسعار الفائدة، إلا أن المستثمرين يتوقعون تغييرات في ملخص التوقعات الاقتصادية (SEP) أو “dot-plot”، والذي يوفر رؤية رسومية لكيفية رؤية أعضاء بنك الاحتياطي الفيدرالي لتطور أسعار الفائدة في المستقبل. ومن الجدير بالذكر أنالمخطط النقطي يشير حاليًا إلى قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة ثلاث مرات في عام 2024، على شرائح بنسبة 0.25٪. ونظرًا لبيانات الوظائف غير الزراعية القوية الأخيرة – والتي تعتمد على إصدار مؤشر أسعار المستهلكين فقد يكون هذا الرقم أقل في سبتمبر. وإذا كان الأمر كذلك، يمكن للمتداولين بيع الذهب.
وأعتقد أن الأسواق الآن لازالت تسعر أن الرهانات المنخفضة على خفض وشيك لسعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر، إلى جانب قرار الصين بإيقاف الشراء مؤقتًا، تعتبر عوامل رئيسية تحد من الاتجاه الصعودي لسعر الذهب.
وتشير أسعار السوق الحالية إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط هذا العام، إما في اجتماع السياسة في نوفمبر أو ديسمبر، والذي يستمر في دعم الدولار الأمريكي. حيث يقف مؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، مرتفعًا بالقرب من أعلى مستوى له منذ 9 مايو ويساهم في الضغط على السلعة المقومة بالدولار.
ويبدو لي أن المتداولون الآن مترددين ويفضلون انتظار المزيد من الإشارات حول التوقيت المحتمل ليبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة قبل وضع رهانات اتجاهية جديدة حول سعر الذهب. ومن ثم، سيبقى التركيز منصبًا على إصدار أحدث أرقام التضخم الاستهلاكي الأمريكي اليوم والقرار الحاسم للسياسة النقدية للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.