خمسة ابتكارات في عام 2024 مهدت الطريق لتكنولوجيا الغد
أليكس ناب
فوربس الشرق الأوسط: عند التفكير في ألبرت أينشتاين، قد يتبادر إلى الذهن نظرية النسبية التي أسهم في تطويرها. ومع ذلك، فقد نال جائزة نوبل لاكتشافه التأثير الكهروضوئي، وليس بفضل هذه النظرية.
قد لا نكون على دراية بالتأثير الكهروضوئي، لكنه يؤثر في التكنولوجيا التي تستخدمها يوميًا، مثل الألواح الشمسية والتصوير الطبي والكاميرات الرقمية.
العديد من التقنيات التي نعتمد عليها اليوم هي نتاج اختراعات علمية وهندسية صغيرة حدثت منذ سنوات أو عقود. في مختلف أنحاء العالم، يعمل العلماء والمهندسون على اكتشافات جديدة يمكن أن تشكل المستقبل. فيما يلي خمسة ابتكارات من عام 2024 تسهم في هذا التقدم المستمر.
أجهزة حاسوب الحمض النووي
منذ التسعينيات، بدأ الباحثون في استكشاف فكرة استخدام الحمض النووي (DNA) في الحوسبة، وهو مجال قد يوفر فوائد مثل تقليل استهلاك الطاقة، وتحسين المعالجة المتوازية، وزيادة سعة تخزين البيانات.
على سبيل المثال، يمكن لغرام واحد فقط من الحمض النووي تخزين قرابة 10 ملايين ساعة من مقاطع الفيديو، وهو ما يتطلب حاليًا رف خادم كامل.
وعلى الرغم من أن الوصول إلى جهاز كمبيوتر كامل يعمل بالحمض النووي لا يزال بعيدًا بعض الشيء، فإن التطورات الأخيرة في هذا العام تقترب بنا من تحقيق هذا الهدف.
في أغسطس/ آب الماضي، نشر فريق بحثي من جامعة جونز هوبكنز وجامعة ولاية كارولينا الشمالية ورقة بحثية تعرض حاسوبًا جديدًا يعمل باستخدام الحمض النووي.
ويعد هذا الكمبيوتر الأول من نوعه، حيث يستطيع إجراء الحوسبة بالإضافة إلى الوصول إلى البيانات، وتعديلها وإضافتها. تم استخدام النموذج الأولي لهذا الكمبيوتر لحل مشاكل بسيطة في ألعاب مثل الشطرنج والسودوكو.
بالمثل، شهد العام الماضي تقدمًا آخر مثيرًا في مجال الحوسبة باستخدام الحمض النووي. في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نشر باحثون في جامعة بكينغ ورقة بحثية تشرح كيفية استخدام الحمض النووي لتخزين المعلومات في الكود الثنائي، ما يعزز التوافق مع لغات البرمجة القياسية.
وإحدى الفوائد الرئيسية لهذه التقنية هي أنها لا تتطلب باحثين مختبريين مدربين تدريبًا مكثفًا أو معدات متخصصة، وهي أدوات عادة ما تكون ضرورية لهذا النوع من الحوسبة، ما يجعل الحمض النووي وسيلة تخزين أكثر عملية وسهولة في الوصول إليها.
نسخة واقعية من سائل شبكة العنكبوت في سبايدر مان
في القصص المصورة، يُعتبر سائل شبكة العنكبوت (Web Fluid) في عالم سبايدر مان مادة ذات استخدامات متعددة، حيث يمكن تخزينها كسائل، والالتصاق بالأشياء، وحمل الأوزان الثقيلة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تمكن باحثون من جامعة تافتس من تطوير نسخة واقعية من هذا السائل، عبر استخراج الألياف من شرانق عثة الحرير وإضافة إضافات كيميائية لخلق سائل يتصلب عند الضغط عليه بواسطة إبرة والتعرض للهواء. يمكن لهذه المادة اللاصقة أن تلتصق بالأشياء وتحمل أكثر من 80 ضعف وزنها.
يتمثل الهدف التالي للباحثين في تعزيز قوة المادة، إذ إن حرير العنكبوت الطبيعي، على سبيل المثال، أقوى بنحو ألف مرة. وبمجرد تحسين خواصها، يمكن استخدام هذه المادة في العديد من التطبيقات، تمامًا كما يُستخدم الحرير في العديد من المنتجات الصناعية والتجارية اليوم.
تصنيع الأدوية في الفضاء وإعادتها إلى الأرض
في مارس/ آذار من العام الماضي، نشرت شركة Varda Space Industries الناشئة، التي تتخذ من كاليفورنيا مقرًا لها، ورقة بحثية تثبت أنها نجحت في إنتاج عقار ريتونافير ritonavir لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية في مختبر آلي صغير في الفضاء.
كما أكدت الشركة أن الأدوية ظلت مستقرة بعد إعادتها إلى الأرض، وهو إنجاز كبير يثبت إمكانية الحفاظ على جودة الأدوية المصنوعة في بيئة منعدمة الجاذبية.
يتيح تصنيع الأدوية في المدار تحكمًا أفضل في عملية التبلور، الذي من شأنه أن يحدث فرقًا كبيرًا فيما إذا كان الدواء سيُصنع على شكل حبة دواء أو سيحتاج إلى توصيله عبر الوريد. لهذا السبب، تجري شركات الأدوية الكبرى تجارب مشابهة على متن محطة الفضاء الدولية (ISS).
تتميز مركبات شركة Varda الفضائية عن محطة الفضاء الدولية بأنها آلية ولا تتطلب وجود رواد فضاء على متنها. وهذا يعني أنها لا تعتمد على الجدول الزمني للرحلات المأهولة لوكالة ناسا، ما يقلل التكاليف بشكل كبير، حسبما أفاد رئيس الشركة، ديليان أسباروهوف، لفوربس في وقت سابق من عام 2024.
وفي أبريل/نيسان الماضي، جمعت الشركة 90 مليون دولار في جولة تمويلية من الفئة (ب) لتسريع إنتاج مركبتها الفضائية.
علاجات جديدة للأمراض
بعد عقد من البحث، نشر العلماء في مركز برشلونة للتنظيم الجينومي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي خريطة لـ جسيم spliceosome البشري.
وهو الجزء من الخلية المسؤول عن قراءة الحمض النووي وتعديله لإنشاء بروتينات مختلفة. يجري تعديل أكثر من 90% من جينات الإنسان من خلال هذه العملية، والتي تبين أنها أكثر تعقيدًا مما كان يعتقده العلماء في البداية.
تعد هذه الخريطة التفصيلية لأحد أهم العمليات داخل الخلايا، خطوة رئيسية نحو تطوير أدوية جديدة، فالأخطاء في جسيم spliceosome ترتبط بالعديد من الأمراض، مثل الاضطرابات العصبية التنكسية مثل مرض باركنسون، والاضطرابات الوراثية، ومعظم أنواع السرطان. الآن، ومع توفر هذه الخريطة الدقيقة لكيفية عمل كل جزء، قد يصبح من الممكن تحديد أهداف جديدة لتطوير الأدوية.
الفحم وصناعة بطاريات السيارات الكهربائية
يعد الجرافيت أحد المكونات الأساسية لبطاريات الليثيوم أيون، ومن المتوقع أن يواجه نقصًا في ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين بسبب الطلب المتزايد من المركبات الكهربائية.
يعتمد العالم حاليًا على الصين التي تنتج نحو 80% من الجرافيت، بفضل المناجم ومرافق التصنيع التي تنتج الجرافيت بشكل مصطنع، على الرغم من ارتفاع تكلفة هذه العملية.
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، توصل الباحثون في مختبر أوك ريدج الوطني على ما يبدو إلى حل لتفادي هذا النقص المحتمل، إذ طوروا طريقتين جديدتين لتحويل الفحم إلى جرافيت. تستخدم إحدى الطريقتين تفاعلًا كهروكيميائيًا لتحويل الفحم الصلب، بينما تقوم الأخرى بترشيح صورة مسالة من الفحم، ثم معالجتها كهروكيميائيًا لإنتاج الجرافيت. وتتميز كلا الطريقتين باستخدام طاقة أقل من الطرق التقليدية، ما يجعلها بديلاً أرخص محتملًا.
في حديث مع فوربس، أوضح قائد المشروع، إدغار لارا كورزيو، أن هذا الابتكار يظهر كيف يمكن استغلال الفحم، الذي لا يزال متوفرًا بكثرة في جميع أنحاء العالم، بطرق جديدة في القرن الحادي والعشرين، مضيفًا: “يمكننا صنع ألياف الكربون، وأقطاب كهربائية لأجهزة تخزين الطاقة، ومواد البناء، وغيرها”. هذا الابتكار يفتح آفاقًا واعدة للمناطق التي يظل فيها الفحم محركًا اقتصاديًا رئيسيًا، بينما يتحول العالم نحو الطاقة المتجددة.
ترجمة: أمل عبد الوهاب