شركة أملاح الضفة الغربية تكافح من أجل البقاء وسط القيود الإسرائيلية
تكافح شركة فلسطينية وحيدة لإنتاج الملح من مياه البحر الميت من أجل البقاء والتأقلم مع متطلبات السوق رغم القيود المفروضة عليها بحكم وقوعها في منطقة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
تملك شركة أملاح الضفة الغربية مصنعا على الشاطئ الغربي للبحر الميت أنشئ قبل أكثر من 50 عاما. وكانت المياه في ذلك الوقت تلاطم جدرانه، أما اليوم فهي تبعد ألفي متر عنه بسبب تراجع منسوب مياه البحر.
وقال علي ادعيس مدير المصنع الذي ترفض إسرائيل السماح لأصحابه بإجراء أي توسعة له أو تغيير جدرانه المبنية من الصفيح “ننتج هنا جميع أنواع الملح سواء للطعام أو المستخدم في الصناعة مثل الجلود وغيرها”.
وأضاف قائلا “يعمل في المصنع حاليا 15 عاملا وإداريا بشكل مباشر وهناك 300 عائلة تستفيد من العمل بشكل غير مباشر من خلال عمليات النقل والتسويق”.
يقع المصنع الذي أسسته عائلة الحلاق الفلسطينية في ذات المكان الذي كانت تعمل فيه شركة البوتاس العربية قبل العام 1967 على شاطئ البحر الميت وعلى بعد عدة كليومترات جنوب مدينة أريحا قبل احتلال إسرائيل للضفة الغربية.
ويستخدم المصنع طرقا بدائية في إنتاج الملح تتمثل في نقل المياه من البحر عبر مضخات إلى برك واسعة تعرف بالملاحات يترسب الملح فيها ثم تعاد المياه عبر قنوات مكشوفة إلى البحر مرة أخرى.
وأوضح ادعيس أن إسرائيل تحظر على الشركة إنتاج أي مواد أخرى من مياه البحر الميت الغنية بالبوتاس والبروم وغيرها وتسمح لها بإنتاج الملح فقط.
وقال “من منتصف شهر آذار ولغاية منتصف شهر تشرين الأول نضخ المياه من البحر إلى الملاحات لنبدأ بعد ذلك بعمل الحصاد وجمع الملح المترسب من خلال جرافات تنقله إلى المصنع”.
وأضاف قائلا “يُنتج الملح على مراحل مختلفة منها غسله بالمياه وتنقيته من الشوائب ثم تجفيفه وهذا دون إضافة أية مواد كيماوية إليه ليتم إنتاج ملح طبيعي مئة بالمئة”.
وأوضح ادعيس أن إسرائيل تمنعهم من أي عمليات إنشاء أو ترميم جديدة للمصنع لكنها تسمح بإدخال الآلات اللازمة لعمله.
وقال “ننتج ما بين 800 إلى ألف طن شهريا وطبعا قادرون على إنتاج كميات أكبر ولكن السوق لا يستوعب في ظل منافسة منتجات أخرى من إسرائيل والأردن وغيرها”.
وأضاف قائلا “عملنا مؤخراً على إقامة مصنع داخل مدينة أريحا لتعبئة ملح الطعام بعبوات صغيرة منها كليوجرام وأخرى نصف كليوجرام وبدأنا تسويقها في السوق المحلي”.
وأشار إلى أن الشركة تصدر كميات من إنتاجها حالياً إلى ألمانيا وتتطلع للتصدير إلى أسواق أخرى منها دول الخليج العربية.
ويأمل ادعيس الذي يعمل في هذا المصنع منذ 30 عاما أن تتمكن الشركة من تحسين المبنى القائم وتطويره والسماح باستخدام المواد الأخرى الموجودة في مياه البحر الميت ذات المردود الاقتصادي العالي.
وقال “هناك الكثير من الصعوبات التي نواجهها في عملنا هنا، فنحن نعمل في منطقة عسكرية الدخول إليها بحاجة الى تصاريح والوصول إلى المضخات بحاجة إلى تصاريح.
“رغم ذلك نحن فخورون بأننا مصنع فلسطيني موجود في هذه المنطقة يواصل العمل منذ ما يزيد على 50 عاما”.
وانحسار مياه البحر عن المصنع الذي كان مقاماً على الشاطئ مباشرة مؤشر واضح على مدى تراجع منسوب البحر خلال السنوات الماضية.
والسبب الرئيسي لذلك هو تحويل مصادره الطبيعية من المياه -التي تنساب جنوبا عبر وادي نهر الأردن أو غور الأردن من سورية ولبنان لأغراض الزراعة والشرب على طول مسارها. وقالت جماعة بحثية برلمانية إسرائيلية إن أنشطة التعدين تسهم بنسبة 30 بالمئة من تدهور الوضع.
يرعى البنك الدولى خطة لبناء خط أنابيب طوله نحو 200 كيلومتر يمتد من البحر الأحمر إلى البحر الميت ومحطة لتحلية المياه في ميناء العقبة الأردني. وجرى الاتفاق على المشروع من حيث المبدأ في 2013.
وطرح البريطانيون للمرة الأولى فكرة حفر قناة من البحر الأحمر للبحر الميت في خمسينيات القرن التاسع عشر كبديل لقناة السويس.
واقتُرحت العديد من الخطط التي تهدف بالأساس للحفاظ على البحر الميت الذي تستخدم معادنه في صناعة الأملاح والمراهم ومستحضرات التجميل إضافة الى مواد مثل البوتاس والبروم.
ويأمل الفلسطينيون أن يمكنهم أي اتفاق سلام نهائي مع إسرائيل من السيطرة على جزء من شاطئ البحر الميت والاستفادة من المواد التي تحويها مياهه، إضافة إلى إقامة منتجعات سياحية على غرار تلك التي أقامتها إسرائيل على شاطئه.
وأعد الفلسطينيون مخططا لاقامة مدينة سياحية على جزء من شاطئ البحر الميت في حالة التوصل لاتفاق بخصوص ذلك مع الجانب الإسرائيلي.