فض المنازعات في قانون الإستثمار الأجنبى المباشر
أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد المرسوم بقانون رقم 19/2018 بشأن الاستثمار الاجنبى المباشر، ويهدف القانون الى استقطاب وتشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر وترسيخ مكانة دولة الامارات العربية المتحدة كمركز جذب رئيسي للاستثمار الاجنبي المباشر.
وضع قانون الإستثمار الأجنبى المباشر رقم 19/2018 أحكاماً من ضمنها تعريف المستثمر الأجنبي والإستثمار الأجنبى ، وكذلك احكاماً تتعلق بالحماية التى يوفرها القانون للمستثمر الاجنبي الذى يوفى متطلباته.
وحدد القانون كذلك طرق لفض المنازعات إذا ما تعرض المستثمر الأجنبي لأضرار ناتجة عن ممارسة الدولة أو أحد أجهزتها، وخيَر القانون المستثمر الأجنبى بين اللجوء الى أي من الوسائل البديلة لتسوية النزاعات، أو اللجوء الى المحكمة المختصة فى الدولة والتى يتوجب أن تنظر فى النزاع بصفة مستعجلة.
نتناول فى هذا الجزء،وهو الاول من ثلاثة أجزاء، فض المنازعات فى ظل قانون الإستثمار الأجنبى المباشر، وأثر ذلك على المستثمر الاجنبي وعلى الدولة والاقليم، ونلقى نظرة عامة على آليات فض المنازعات المنصوص عليها فى القانون آخذاً فى الحسبان إعتبارات معينة.
تنص المادة 12 من القانون على :
((1- مع عدم الإخلال بالحق فى التقاضي، يجوز تسوية الخلافات والمنازعات التى قد تنشأ عن مشروع الاستثمار الأجنبي المباشر بكافة الوسائل البديلة لفض النازعات.
2- يكون لقضايا مشاريع الاستثمار الاجنبي المباشر صفة الاستعجال عند نظرها أمام المحكمة المختصة بالدولة))
ونلاحظ أن نص المادة قد جاء عاماً فى صياغته، إلا أنه يتيح للمستثمر الأجنبى اللجوء الى الوسائل البديلة لفض المنازعات والتى يمكن أن تشمل الصلح ،.قرار الخبير،الوساطة والتحكيم.
ويتيح القانون كذلك للمستثمر الأجنبي خيار اللجوء الى المحاكم المحلية فى الدولة والتى يتوجب عليها نظر النزاع بصورة مستعجلة.
كما يمكن للمستثمر بموجب الحكم الوارد فى المادة 12 ان يختار اللجوء الى التحكيم الدولي ((المركز الدولي لفض منازعات الاستثمار ، غرفة التجارة الدولية، محكمة لندن للتحكيم الدولي وما إلى ذلك من مؤسسات التحكيم)) لفض النزاع، إلا أن ذلك يتطلب موافقة دولة الإمارات العربية المتحدة على هذا النوع من التحكيم.
وسننظر أدناه فيما اذا كانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد قدمت مثل هذه الموافقة من خلال ما نص عليه قانون الإستثمار الأجنبي المباشر.
أثر النص المتعلق بفض المنازعات: –
يتوقف مدى تأثير ما نص عليه القانون بشأن فض المنازعات، على ما إذا كان ما نص عليه القانون يمثل قبولاً من الدولة بالوسيلة التى يختارها المستثمر الاجنبي لفض النزاع.
لم تحدد المادة 12 من القانون آلية محددة لفض النزاع وإنما تركت الخيار للمستثمر الأجنبي ليحدد الوسيلة التى يختارها،فهل يعنى ذلك ان دولة الإمارات العربية المتحدة قد وافقت مسبقاً على اية وسيلة يختارها المستثمر الأجنبي لفض النزاع؟، لا شك أن الاجابة المباشرة على هذا السؤال هي النفي.
وقد يبدو للوهلة الاولى أنه إذا اتاح تشريع وطني لمستثمر أجنبي أن يختار آلية فض المنازعات التى يراها من بين ما نص عليه هذا التشريع من آليات، فإن ذلك يمثل قبولاً للآلية التى يختارها المستثمر الأجنبي، لأن النص على الخيارات قد يُنظر إليه كعرض مقدم لمجموع المستثمرين الأجانب، ولكن تشريعات الاسثمار الأجنبي التى تعطي مثل هذا الخيار بشأن آلية فض المنازعات، لا تقصد أن يعنى هذا الخيار قبول الدولة باللجوء الى التحكيم أو الى أية وسيلة أخرى يختارها المستثمر الأجنبي، وإنما يعني أن الدولة تقدم وحسب خياراً بشأن وسائل فض المنازعات.
ونجد هذا الخيار فى تشريعات استثمار وطنية عديدة أخرى، فعلى سبيل المثال ينص قانون الاستثمار فى دولة سيشل فى المادة 5/3 على انه يجوز للمستثمر الأجنبي المتضرر أن : ((يلجأ الى غير ذلك من وسائل فض المنازعات))
إن العديد من تشريعات الاستثمار الوطنية تتطلب لتطبيق هذا الخيار، وجود موافقة مسبقة مثل شرط تحكيم فى اتفاقية استثمار، أو إتفاقية بين الدولة المضيفة والمستثمر الأجنبي. ولا يمكن القول بوجود قبول مسبق من الدولة للآلية التي يختارها المستثمر الأجنبي إذا لم يكن ثمة مثل هذه الاتفاقية.
ليس فى قانون الاستثمار الاجنبي المباشر لدولة الإمارات العربية المتحدة، ما يمكن أن يمثل موافقة من الدولة على وسيلة محددة لفض النزاع، ويُتطلب لمثل هذه الموافقة وجود إتفاقية منفصلة تتضمن قبول الدولة بوسيلة محددة لفض النزاع.
يسمح القانون كذلك للمستثمر الأجنبي باللجوء الى المحاكم المحلية فى دولة الإمارات العربية المتحدة.
فى الجزء الثانى سنتناول تعريف القانون لكل من المستثمر الأجنبي والاستثمار الأجنبي ، وأثر المعاهدات التى صادقت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة فى ضوء ذلك التعريف.