تقييم مناخ الأعمال في 50 اقتصاداً
البنك الدولي: قالت مجموعة البنك الدولي في تقريرها الجديد “الجاهزية لأنشطة الأعمال” أن الاقتصادات تؤدي بشكل أفضل فيما يتعلق بوضع اللوائح التنظيمية لتحسين مناخ الأعمال على المستوى الوطني مقارنةً بأدائها فيما يتعلق بتوفير الخدمات العامة اللازمة لضمان إحراز تقدمٍ فعلي.
ويقدم الإصدار الافتتاحي من التقرير لعام 2024، والذي يحتوي على تقييمٍ لمناخ الأعمال في 50 اقتصاداً، مجموعةً شاملةً من البيانات باستخدام 1200 مؤشر لكل اقتصاد من أجل تحديد المجالات التي يمكن تحسينها وتحفيز الإصلاحات. ومن المقرر أن يزيد عدد الاقتصادات التي سيشملها التقرير على مدى السنوات الثلاث المقبلة ليصل إلى نحو 180 اقتصاداً في عام 2026، مما يوفر معياراً عالمياً كاملاً.
وبحسب التقرير، فإن أداء جميع الاقتصادات المشمولة بالتقييم هذا العام تقريباً كان أفضل فيما يتعلق بجودة الأطر التنظيمية مقارنةً بالخدمات العامة التي توفرها لتسهيل امتثال الشركات لهذه الأطر. وتتسبب مثل هذه الفجوات في التنفيذ في منع الشركات والعمال والمجتمعات ككل من الاستفادة الكاملة من المزايا التي يوفرها المناخ السليم الداعم لأنشطة الأعمال.
وعلى مقياس من صفر إلى 100، سجلت الاقتصادات في المتوسط 65.5 درجة في فئة جودة الإطار التنظيمي – مما يعني أن الاقتصادات قطعت ما يقرب من ثلثي الطريق نحو الجاهزية لأنشطة الأعمال في هذه الفئة، لكنها سجلت 49.7 درجة فقط في فئة الخدمات العامة، مما يشير إلى أنها في منتصف الطريق من الجاهزية في هذه الفئة. وتوجد هذه الفجوة في جميع مستويات الدخل وجميع المناطق، على الرغم من أنها أصغر في الاقتصادات مرتفعة الدخل وأكبر في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتعليقاً على التقرير، قال إندرميت جيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي والنائب الأول للرئيس لشؤون اقتصاديات التنمية: “مع تباطؤ النمو الاقتصادي بسبب الأوضاع الديموغرافية والديون والخلافات، لن يتحقق التقدم إلا من خلال العمل البارع الذي تقوم به منشآت الأعمال الخاصة… وهذا يعتمد على الظروف المواتية، ونعني بذلك مناخ الاستثمار الذي يمنح رواد الأعمال الفرصة لتحقيق المعجزات الاقتصادية التي نحن في أمس الحاجة إليها اليوم. وتقرير “الجاهزية لأنشطة الأعمال” يقدم للحكومات المعلومات التي تحتاجها لتهيئة الظروف التي تتيح للشركات تحقيق الرخاء للمساهمين والمستهلكين والعمال دون الإضرار بسلامة الكوكب.”
ويعكس تقرير “الجاهزية لأنشطة الأعمال”، الذي يحل محل تقرير ممارسة أنشطة الأعمال، نهجاً أكثر توازناً وشفافيةً تجاه تقييم مناخ الأعمال والاستثمار في البلدان، وهو النهج الذي صيغ بتوصياتٍ من خبراء من داخل مجموعة البنك الدولي وخارجها، بما في ذلك الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والباحثين الأكاديميين.
يمثل القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم قوةً دافعة للنمو الاقتصادي، لكنه يحتاج إلى البيئة المناسبة ليزدهر. ولا يقتصر التقرير على تقييم العبء التنظيمي الذي تواجهه الشركات في مراحل تأسيسها ودخولها للأسواق والابتكار وتوسيع عملياتها – المدة التي تستغرقها الشركة لبدء نشاطها، على سبيل المثال – فحسب، بل أيضاً جودة اللوائح التنظيمية. فهل تتضمن اللوائح التنظيمية الخاصة بالعمل والعمال، على سبيل المثال، متطلبات السلامة في مكان العمل؟ وهل تتطلب اللوائح التنظيمية الخاصة بتأسيس الشركات التحققَ من هوية رواد الأعمال؟ وبالإضافة إلى تقييم اللوائح والضوابط المنظمة لأنشطة الأعمال والشركات، يتضمن تقرير “الجاهزية لأنشطة الأعمال” تقييماً للخدمات العامة المطلوبة لتنفيذها. فهل تسهل الحكومات على الشركات دفع الضرائب من خلال إنشاء مرافق متصلة بشبكة الإنترنت ومترابطة فيما بينها؟ وهل توفر قواعد بيانات عامة تدعم الشفافية وتسهل على الشركات طيبة السمعة الحصولَ على الائتمان؟
يقيس تقرير “الجاهزية لأنشطة الأعمال” أيضاً الظروف الفعلية التي تواجهها الشركات في الواقع العملي. وتتباين هذه الظروف بشكل كبير بين 50 اقتصاداً تم تقييمها هذا العام، حيث يستغرق تسجيل شركة محلية من ثلاثة إلى 80 يوماً – وما يصل إلى 106 أيام لتسجيل شركة أجنبية. وتواجه الشركات انقطاعاً في الكهرباء بمعدل أربع مرات شهرياً، على الرغم من أن هذا العدد قد يصل إلى 22 مرة. وفي المتوسط، يستغرق حل النزاع التجاري في المحاكم أكثر من عامين بقليل، على الرغم من أن المدة قد تمتد لتصل إلى 5 سنوات أو تتقلص إلى أقل من 105 أيام.
وتتيح بيانات بمثل هذا الاتساع والجودة وقابلية المقارنة للشركات اتخاذَ قرارات رئيسية بشأن كيفية ومكان أعمالها، كما يُمَكِّن الحكومات من التقييم الدقيق لقواعد السياسات اللازمة للوصول إلى نوع تنمية القطاع الخاص الذي يفسح المجال أمام الشركات والعمال والمجتمعات للازدهار بشكل أفضل.
من جانبه، قال نورمان لوايزا، مدير مجموعة المؤشرات بالبنك الدولي، التي تقود العمل الخاص بمشروع إعداد تقرير الجاهزية لأنشطة الأعمال: “تُعد الاقتصادات الأكثر ثراءً هي الأكثر جاهزية لأنشطة الأعمال، ولكن ليس من الضروري أن تتمتع الاقتصادات بالثراء لكي تتوفر فيها بيئة أعمال جيدة… وتخلُص دراستنا التحليلية إلى أن الاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل يمكنها أن تهيئ مناخاً قوياً وداعماً لأنشطة الأعمال. فعلى سبيل المثال، كان أداء رواندا وجورجيا وكولومبيا وفييتنام ونيبال جيداً في عدد من المجالات، منها جودة اللوائح التنظيمية وارتفاع مستوى الخدمات العامة وكفاءة النظام بشكل عام.”
تُعد الشفافية سمةً أساسية للضمانات المُحققة لسلامة البيانات الواردة في تقرير الجاهزية لأنشطة الأعمال. ولهذا فإن كل المعلومات التي جمعها فريق مشروع إعداد التقرير – البيانات التفصيلية الأولية، ودرجات التقييم، وكذلك الحسابات المستخدمة في تحديد الدرجات – أصبحت متاحة الآن للجمهور على الموقع الإلكتروني للمشروع. وبالإضافة إلى ذلك، فإن جميع النتائج التي تعرضها التقارير قابلة للتكرار باستخدام أدلة إرشادية واضحة ومتاحة أيضاً على الموقع الإلكتروني المشار إليه.