الولايات المتحدة على حافة ركود اقتصادي: تحذيرات من كبير اقتصاديي "موديز"
على الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يفوّت فرصة للإشادة بقوة الاقتصاد الأميركي تحت قيادته، مستندًا إلى أرقام نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتدفق الاستثمارات الأجنبية، وانخفاض معدلات التضخم، إلا أن أصواتًا اقتصادية وازنة تحذر من أن الواقع مختلف.
مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في مؤسسة "موديز أناليتيكس" والذي كان من أوائل من تنبأ بالأزمة المالية عام 2008، يرى أن الاقتصاد الأميركي يقف الآن على "حافة ركود" قد يبدأ بنهاية 2025. ويشير إلى أن المؤشرات الحمراء ظهرت في كل مكان: من سوق العمل إلى الاستهلاك والأسعار.
سوق العمل "الجدار الأخير"
يعتبر زاندي أن تباطؤ نمو الوظائف إلى "شبه جمود" هو أخطر مؤشرات التراجع. فبينما لا تزال الشركات مترددة في التوظيف، إلا أنها لم تلجأ بعد إلى موجة تسريحات واسعة، وهو ما يشكّل "حائط الصد" الأخير أمام الركود. لكنه يحذر: "بمجرد أن يبدأ معدل التوظيف بالتراجع السلبي، ستكون تلك نقطة الانطلاق نحو ركود فعلي".
التضخم والأسعار: القنبلة الموقوتة
يشير زاندي إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية لم تُترجم بعد بالكامل إلى ارتفاع الأسعار، بسبب تردد الشركات في تمرير الكلفة إلى المستهلكين. لكنه يتوقع أن يتغير الوضع سريعًا، لترتفع معدلات التضخم من 2.7% حاليًا إلى ما يقارب 4% خلال عام.
هذا الارتفاع، مقترنًا بموجة تسريحات محتملة، قد يطلق ما وصفه بـ"الدائرة المفرغة": أسعار مرتفعة تقلل الإنفاق الاستهلاكي، فتتأثر أرباح الشركات، لتردّ هي الأخرى بمزيد من التسريحات.
كاليفورنيا ونيويورك.. المؤشر الحاسم
يرى زاندي أن ما ستشهده ولايتا كاليفورنيا ونيويورك – اللتان تمثلان معًا أكثر من خمس الاقتصاد الأميركي – قد يحدد مصير الاقتصاد الوطني ككل. فإذا دخلتا في حالة انكماش، فالركود سيصبح أمرًا لا مفر منه. أما إذا واصلتا الصمود بفضل قطاعاتهما التكنولوجية والمالية، فقد يتجنب الاقتصاد الأميركي الركود.
بين السياسة والاقتصاد
يؤكد زاندي أن السياسات الاقتصادية الراهنة، خصوصًا الرسوم الجمركية وتقييد الهجرة، هي السبب المباشر في ضعف النمو. ورغم اعترافه بوجود مشكلات هيكلية طويلة الأمد مثل الدين العام الضخم وتباطؤ الإنتاجية، إلا أنه يرى أن الاقتصاد الأميركي ما يزال يتمتع بعوامل قوة هيكلية – أبرزها الطفرة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
قطاع الإسكان تحت الضغط
أما سوق الإسكان، فقد وصفه زاندي بـ"المأزوم"، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع المبيعات. ويشير إلى أن المخزون من المنازل غير المباعة وصل إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية، ما ينذر بمزيد من التراجع في البناء السكني خلال الفترة المقبلة.
في الختام! بينما تُصر الإدارة الأميركية على أن الاقتصاد "يزدهر"، تؤكد التحليلات المستقلة أن الصورة أكثر قتامة. ومع تراكم المؤشرات السلبية – من تباطؤ الوظائف إلى ارتفاع الأسعار وأزمات الإسكان – يبدو أن الولايات المتحدة قد تكون على أعتاب ركود اقتصادي وشيك، ما لم تتمكن من كبح تأثيرات السياسات التجارية والهجرية المثيرة للجدل.