Middle East Business

أوبك+ بين ضبابية الطلب ووهم الطاقة الفائضة: هل يكفي ما على الورق لإنقاذ السوق؟

صورة المقال

أوبك+ بين ضبابية الطلب ووهم الطاقة الفائضة: هل يكفي ما على الورق لإنقاذ السوق؟

بقلم: كيت دوريَن

في عالم الطاقة، قد يبدو الرقم ثمانية مجرد رقم عادي، لكنه اليوم يرمز إلى تحالف يحدد مصير سوق النفط العالمي: مجموعة الثمانية داخل أوبك+. هذه المجموعة كانت المحرك الرئيسي لزيادة المعروض في الشهور الأخيرة، في محاولة لموازنة السوق. ولو أن العوامل الأساسية وحدها هي التي تحرك الأسعار، لكانت أسعار النفط هوت منذ أبريل، عندما بدأ تقليص التخفيضات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا.

لكن الأسواق لم تهوِ كما كان متوقعًا. صحيح أن الأسعار تحت ضغط مستمر، إلا أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ما زالت تتوقع مزيدًا من التراجع في الربع الأخير من العام، وسط قناعة متنامية بأن السوق تعاني من فائض في المعروض. السؤال المطروح اليوم ليس فقط إن كان تسريع تقليص التخفيضات الطوعية مبررًا، بل إن كان يمثل رسالة سياسية من الرياض وحلفائها بأنهم لا يزالون يمسكون بزمام السوق.

العوامل الجيوسياسية تزيد المشهد تعقيدًا. ففي 9 سبتمبر، قفزت أسعار برنت نحو 2% بعد هجوم إسرائيلي على تجمع لحماس في الدوحة، قبل أن تهدأ سريعًا مع تلاشي المخاوف حول إمدادات النفط والغاز من المنطقة. الرسالة كانت واضحة: السوق أكثر حساسية للأحداث السياسية، لكنها أقل استعدادًا للمبالغة في رد الفعل ما لم تكن الإمدادات مهددة مباشرة.

رغم الضبابية، لا تزال أوبك تراهن على طلب قوي حتى نهاية العام، متوقعة نموًا قدره 1.29 مليون برميل يوميًا. في المقابل، الوكالة الدولية للطاقة أقل تفاؤلًا وتتوقع نصف هذا الرقم تقريبًا. أما إدارة معلومات الطاقة، فتشير إلى أن الطلب العالمي سيستمر في الارتفاع عام 2025 بدعم من الاقتصادات الناشئة، مع استمرار الصين في استغلال الأسعار المنخفضة لملء احتياطياتها الاستراتيجية.

ومع اقتراب الشتاء، يترقب السوق اختبارًا حقيقيًا للطلب. فالمخزونات العالمية في ارتفاع، وإدارة معلومات الطاقة تتوقع هبوط أسعار برنت إلى متوسط 59 دولارًا في الربع الرابع، وربما إلى حدود 50 دولارًا مطلع 2026. هذه التوقعات سبقت إعلان أوبك+ عن زيادة جديدة للإنتاج في أكتوبر، ما يعني أن السوق قد تواجه مزيدًا من الضغوط إذا تحققت هذه الزيادات فعليًا.

لكن هنا تكمن المفارقة: ما يعلن على الورق شيء، وما يصل إلى السوق شيء آخر. فالتقليص التدريجي للتخفيضات الطوعية حتى الآن جاء أقل بكثير مما كان مخططًا، ما يوحي بأن هامش الطاقة الفائضة الذي يفترض أن تمتلكه المجموعة ربما أضيق مما يعتقده كثيرون.

إلى جانب ذلك، تبقى المخاطر السياسية حاضرة. العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران وضغوط واشنطن على أوروبا لمعاقبة الصين والهند على مشترياتها من الخام الروسي قد تغير قواعد اللعبة في أي لحظة. أي تراجع حاد في صادرات روسيا أو إيران قد يعيد التوازن إلى السوق ويوقف نزيف الأسعار.

في النهاية، يقف سوق النفط على حافة مرحلة دقيقة: بين وفرة معروض قد تطيح بالأسعار، ومخاطر سياسية قد تعيد إشعالها فجأة. التحدي الحقيقي أمام أوبك+ ليس ما تكتبه في بياناتها الرسمية، بل ما تستطيع ضخه فعليًا إلى الأسواق، وما إذا كانت مستعدة للتحرك بسرعة إذا تحوّل هذا التوازن الهش إلى أزمة جديدة.

التعليقات

أضف تعليقًا