معاناة الجيل Z الوظيفية: تحديات وفرص
إن معاناة الجيل Z في بيئة العمل باتت مسألة بارزة لا تخفى على الكثيرين، ولعل إحدى الأسباب الرئيسة وراء هذه المعاناة هو الفجوة بين المهارات التي حصل عليها هذا الجيل خلال سنوات دراسته وبين المتطلبات العملية في سوق العمل. إلا أنه من وجهة نظري، الشركات أيضًا تتحمل جزءًا من المسؤولية. فدراسة حديثة كشفت عن افتقار خريجي الجيل Z إلى الحافز والمبادرة، إضافة إلى ضعف الاحترافية ومهارات التنظيم والتواصل. الجيل الذي يتراوح مواليده بين عامي 1997 و2012 يواجه تحديات كبيرة في سوق العمل، مما يؤثر بشكل مباشر على أدائهم الوظيفي ويزيد من معدلات دوران الموظفين.
التحديات التي يواجهها الجيل Z في سوق العمل
بحسب استطلاع رأي حديث، يرى 65% من مديري التوظيف أن الجيل Z يعاني من “شعور بالاستحقاق”، حيث يعتقد هؤلاء الشباب أنهم يستحقون التقدير والتكريم دون بذل الجهد الكافي. وأشار 55% من المديرين إلى أن هذا الجيل يعاني من نقص في أخلاقيات العمل، ما يسبب مظهرًا غير احترافي في بيئة العمل. علاوة على ذلك، يعتقد 21% من مديري التوظيف أن خريجي الجيل Z لا يستطيعون تحمل ضغط العمل، بينما أشار 20% إلى أن تأخرهم المتكرر عن مواعيد الدوام يعد من أبرز مشكلاتهم. كما يعاني الجيل Z من صعوبة في إدارة المهام وتنظيمها، حيث أشار 17% من المديرين إلى أن هؤلاء الموظفين يواجهون تحديات في التعامل مع مهام العمل اليومية.
من الجدير بالذكر أن الجيل Z لا يعتقد أن العمل لساعات طويلة هو معيار لأخلاقيات العمل، بل يركزون على الإنتاجية وإدارة الوقت بشكل أكثر مرونة. ويفضلون بيئة عمل مرحة تُساعدهم على فهم مكان العمل بشكل أفضل وتقديم نتائج مهنية فعّالة.
وجهة نظر أصحاب العمل
أظهر استطلاع آخر أن العديد من أصحاب العمل يرون أن الجيل Z هو “الجيل الأكثر صعوبة في التعامل معه”. رغم أن هذا الجيل ماهر في استخدام وسائل الاتصال الرقمي، إلا أنهم يعانون من نقص في الحافز ويسهل تشتيت انتباههم، مما يجعل العمل معهم أمرًا صعبًا. وفقًا للاستطلاع، صرح 74% من المدراء وأصحاب العمل بأن الجيل Z يُعد “الجيل الأكثر تحديًا” لسوق العمل. وأشار حوالي 40% من المشاركين إلى أن هذا الجيل يفتقر إلى المهارات التكنولوجية اللازمة لأداء مهامهم بشكل فعال.
أسباب ضعف التكيف مع بيئة العمل
تؤكد الدراسات أن الجيل Z يواجه صعوبة كبيرة في التكيف مع سوق العمل، ويرجع ذلك إلى وجود فارق كبير بين الحياة الأكاديمية والحياة العملية. نتيجة لجائحة كورونا والتعلم عن بعد، قد يفتقر الجيل Z إلى المهارات التي كانت ضرورية لتأهيلهم بشكل كامل للنجاح في بيئة العمل. هؤلاء الشباب غالبًا ما يكونون غير مستعدين للتعامل مع ثقافة مكان العمل وتوقعات العمل المستقل.
التوتر بين الأجيال
تعد التوترات بين الأجيال في بيئة العمل ظاهرة متزايدة. بعض المدراء، بسبب هذه التحديات، قاموا بطرد موظفي الجيل Z بعد شهور قليلة من توظيفهم. وفي تقرير نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، أُشير إلى أن 6 من كل 10 شركات قامت بالفعل بطرد بعض خريجي الجيل Z بعد فترة قصيرة من توظيفهم، ما يبرز صعوبة التكيف لهذا الجيل مع توقعات بيئة العمل. وبالرغم من هذه التحديات، يظل السؤال قائمًا: هل يجب على الشركات أن تتحلى بالصبر وتوفر الفرص لتطوير الجيل Z؟ أم يجب على الجيل Z أن يعيد تقييم نهجهم المهني وتحسين مهاراتهم؟
المسؤولية المشتركة: الشركات والجيل Z
بينما يعاني الجيل Z من نقص الدافع وضعف المهارات العملية، يبقى المسؤولية مشتركة بين الشركات والجيل Z. ينبغي أن تتحلى الشركات بالصبر وتوفر فرصًا لتدريب وتطوير هذا الجيل. من جهة أخرى، يجب على الجيل Z أن يعترف بتحديات سوق العمل ويعمل على تحسين مهاراته الشخصية والمهنية بشكل مستمر.
مسألة الفصل عن العمل: لا تعتبر وصمة عار بالنسبة للجيل Z بل أمراً طبيعياً
في ظل التحديات التي يواجهها الجيل Z في بيئة العمل، يبدو أن الفصل عن العمل لم يعد يشكل وصمة عار كما كان الحال في الأجيال السابقة. على سبيل المثال، بريتاني بيتسش، شابة من الجيل Z، قدمت مثالاً على هذا التغيير حينما قامت بتوثيق لحظة طردها من عملها كموظفة مبيعات في شركة تكنولوجيا المعلومات “كلاودفلير” ونشرت الفيديو على منصة تيك توك تحت عنوان “وجهة نظر: أنت على وشك التعرض للطرد”. هذا الموقف كان ليكون أمرًا محرجًا في أوقات سابقة، خاصة لو كان فرد من الجيل X أو الجيل Y في مكان بريتاني، حيث كان الطرد من العمل يُعتبر فشلًا شخصيًا.
لكن بالنسبة للجيل Z، أصبح الطرد عن العمل جزءًا طبيعيًا من الحياة المهنية الحديثة. يتعاملون مع هذه المواقف بمرونة، ويشجعون على نشر تجاربهم الشخصية عبر الإنترنت كوسيلة لتبادل الخبرات والتعلم من الأخطاء دون الشعور بالخجل.
في النهاية، نجد أن الجيل Z في حاجة ماسة إلى التأهيل والتوجيه لاكتساب المهارات التي تساهم في نجاحهم في بيئة العمل. من المهم أن تتبنى الشركات خططًا لتدريب هذا الجيل وتحفيزه على العمل بشكل أفضل. وفي الوقت نفسه، يجب على الجيل Z أن يبذل جهدًا أكبر لتحسين مهاراته وتطوير نفسه لتلبية متطلبات سوق العمل. وفيما يتعلق بالفصل عن العمل، قد يكون من المفيد للجيل Z أن يتعامل مع هذه المواقف بعقلية منفتحة، حيث تصبح فرصًا للتعلم والنمو الشخصي والمهني.
المصادر: أخبار الآن، foochia، الميادين نت