الاستثمار في البشر مفتاح تعزيز مستقبل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمواجهة التحديات العالمية

صورة المقال

الاستثمار في البشر مفتاح تعزيز مستقبل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمواجهة التحديات العالمية

أكد تقرير البنك الدولي الجديد أن الاستثمار في رأس المال البشري واعتماد سياسات تنموية استشرافية يمكن أن يساعد بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مواجهة التحولات العالمية الكبرى، بما في ذلك الشيخوخة السكانية، وتغير المناخ، والتطور التكنولوجي. ويرى التقرير أن الجمع بين إصلاحات التمويل، وتعزيز المؤسسات القادرة على الصمود، وتحديث سياسات التنمية البشرية يشكّل الأساس لبناء مجتمعات أكثر استعداداً لمستقبل متغير.

يشير التقرير إلى أن رأس المال البشري هو أعظم مورد للمنطقة ومصدر رئيسي للنمو الاقتصادي، إلا أن التحولات الديموغرافية والبيئية والتكنولوجية تمثل ضغوطاً متزايدة على الاقتصادات وسبل المعيشة. فبحسب البيانات، لا يزال نحو 70% من الأطفال في سن العاشرة غير متمكنين من القراءة أو الحساب الأساسي، ويبلغ مؤشر رأس المال البشري في المنطقة 0.49 فقط، وهو أقل من متوسط الدول ذات الدخل المماثل. كما أن خدمات تنمية الطفولة المبكرة والرعاية الصحية الأولية لا تغطي سوى جزء محدود من السكان، في حين تصل شبكات الأمان الاجتماعي إلى أقل من نصف الفقراء.

وقال أوسمان ديون، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان:

"إن بناء رأس المال البشري هو الطريق الأضمن لتحقيق النمو المستدام والرخاء المشترك. ويقدم هذا التقرير خيارات عملية لحماية الناس وتوسيع فرص العمل، خاصة للنساء والشباب، من خلال إصلاحات مؤسسية وتمويل مستدام."

ويبرز التقرير التحديات المتزايدة المرتبطة بالتحول الديموغرافي، إذ ارتفع متوسط العمر المتوقع إلى 74 عاماً عام 2023، فيما يبلغ سن التقاعد الفعلي نحو 54 عاماً فقط. ومن المتوقع أن ترتفع نسبة كبار السن إلى العاملين بمقدار 2.5 مرة خلال العقود الثلاثة المقبلة، ما قد يضاعف الأعباء المالية على أنظمة المعاشات والتأمينات. ويقترح التقرير حلولاً من بينها تمديد عمر العمل، وتعزيز التعلم مدى الحياة، والاستثمار في أنظمة رعاية طويلة الأجل.

كما يتناول التقرير آثار التحول الرقمي والأتمتة والذكاء الاصطناعي على فرص العمل في المنطقة، مشيراً إلى أن ضعف الجاهزية الرقمية قد يحد من المكاسب الإنتاجية المحتملة. لكنه يرى في الوقت نفسه فرصاً للنمو من خلال تحسين المهارات الرقمية، وتوفير الإنترنت بأسعار معقولة، وتنظيم العمل على المنصات الرقمية.

وفيما يتعلق بتغير المناخ، يحذر التقرير من أن ارتفاع درجات الحرارة وشح المياه سيؤثران سلباً على الصحة والتعليم والأمن الغذائي. ويقترح حلولاً مثل تعزيز مرونة أنظمة التعليم والرعاية الصحية، وتوسيع مظلات الحماية الاجتماعية، والاستثمار في المهارات الخضراء والطاقة المتجددة لتحقيق التنويع الاقتصادي.

وشددت فادية سعادة، المديرة الإقليمية لقطاع الممارسات العالمية في البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، على أهمية الإصلاحات المؤسسية والتمويل الذكي، قائلة:

"يرسم التقرير خارطة طريق لحماية الناس من صدمات اليوم وتعزيز جاهزيتهم لاقتصاد الغد. ومن خلال التمويل الأكثر استدامة والعدل في توزيع الموارد، يمكن تحويل التغيرات الديموغرافية والمناخية والتكنولوجية إلى فرص لخلق الوظائف وزيادة الإنتاجية."

ويخلص التقرير إلى أن تحقيق هذه الرؤية يتطلب سد فجوات الجودة المؤسسية، وتحسين استخدام البيانات، والاستفادة من الرقمنة والذكاء الاصطناعي لتعظيم العائد من الاستثمار في الإنسان. كما يدعو إلى تعبئة موارد محلية عادلة، وتحسين كفاءة الإنفاق، وجذب تمويلات مبتكرة لضمان استدامة التنمية البشرية في المنطقة.

التعليقات

أضف تعليقًا