الاقتصاد

تسريع تحول الطاقة في الاقتصادات النامية والناشئة

تسريع تحول الطاقة في الاقتصادات النامية والناشئة

 اجتمع فخامة إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، وجون كيري، مبعوث الرئيس الأمريكي للمناخ، وأجاي بانغا، رئيس البنك الدولي، مع 100 من الرؤساء التنفيذيين وقادة شبكة الكوكب الواحد لصناديق الثروة السيادية. يهدف الاجتماع، الذي يجيئ انعقاده قبل خمسة أشهر من انعقاد قمة كوب18 في دبي، إلى تعزيز مساهمة مجتمع المال والأعمال في تحقيق أهداف اتفاقية باريس، في ظل تزايد تأثير تغيرات المناخ، وخاصة على الاقتصاديات الناشئة والنامية.

وقد عقدت القمة السنوية السادسة لشبكة الكوكب الواحد لصناديق الثروة السيادية بدعوة من  فخامة الرئيس  ماكرون بالتزامن مع قمة الميثاق العالمي للتمويل المالي الجديد في باريس خلال الفترة من 22 و23 يونيو. يشارك في القمة رؤساء دولة وقادة مؤسسات مالية تجمع بينهم الرغبة في تشكيل هيكل لنظام مالي عالمي جديد قادر على خدمة البشر وكوكب الأرض. 

وكانت شبكة الكوكب الواحد لصناديق الثروة السيادية، التي يترأسها الرئيس إيمانويل ماكرون، قد أُطلقت في ديسمبر 2017 في باريس بهدف تسريع إدماج اعتبارات التغير المناخي كجزء لا يتجزأ من إدارة الاستثمارات الضخمة والمتنوعة على المدى الطويل. تضم شبكة الكوكب الواحد 47 مؤسسة استثمارية تمتلك وتدير أصولاً استثمارية تتجاوز قيمتها الإجمالية 37 ترليون دولار أمريكي، ويدرك أعضاء الشبكة أن أهداف صناديق الثروة السيادية، والمتمثلة في النمو على المدى الطويل، وحماية الثروات لفائدة الأجيال المتعاقبة والعمل على بناء مستقبل مستدام، متوافقة مع أهداف اتفاقية باريس، والتي تشمل حماية كوكب الأرض وتحسين الفرص الاجتماعية والاقتصادية للأجيال القادمة. وتضم الشبكة صناديق الثروة السيادية وشركاءها من مدراء الأصول وصناديق الاستثمارات الخاصة.

وقال الرئيس ماكرون في كلمته أمام القمة السادسة لشبكة الكوكب الواحد: “لكي نتمكن من التصدي لقضايا الفقر والتغير المناخي والتنوع الحيوي لا يمكننا أن نعتمد فقط على الموارد الحكومية والمساعدات بل لا بد لنا من تطوير منظومة فعالة تضمن مشاركة أكبر للقطاع الخاص وصناديق الثروة السيادية ومدراء الأصول وكل موارد التمويل الخاص التي يمكننا توجيهها نحو تحقيق هذه الأهداف. ومن هنا تبرز أهمية صناديق الثروة السيادية وما ظللنا نعمل معاً على تحقيقه ضمن إطار قمة الكوكب الواحد.”

وبدوره قال جون كيري، مبعوث الرئيس الأمريكي للمناخ: “القادة الذين يحضرون هذه القمة يمثلون رؤوس أموال يعتمد عليها نجاح أو فشل عملية تحول الطاقة. وأعضاء شبكة الكوكب الوحيد، بوصفهم مشرفين وقائمين على إدارة ثروات تخص أجيالاً متعددة، يدركون ضرورة التصدي لأزمة المناخ. وقد حان الوقت لترجمة الكلمات إلى أفعال واستثمار الفرص المتاحة لوضع أسس لعالم أكثر نظافة وأفضل من ناحيتي الصحة والثروة.” 

وقد شهدت القمة تحقيق تقدم ملموس في ثلاثة من المجالات التي تمثل أولوية حيوية:

1. مواءمة بيانات المناخ للأسواق لخاصة

شدّد أعضاء شبكة الكوكب الواحد على أهمية توفر قدر أكبر من الشفافية والإفصاح عن البيانات لتمكين المستثمرين من تضمين الاعتبارات الخاصة بتغير المناخ في عملية اتخاذ القرارات الاستثمارية، بطريقة تتوافق مع نماذج أعمالهم. وما يزال الوصول إلى البيانات الخاصة بالكثافة الكربونية لعمليات الشركات يمثل عقبة رئيسية أمام معايرة تلك المخاطر. فالبيانات الخاصة بالمناخ موزعة على عدد من المعايير  والمنهجيات والأدوات المتباينة، مما يؤدي إلى إضعاف البيانات وتزايد متطلبات رفع التقارير. وقد قام أعضاء شبكة الكوكب الواحد في العام الماضي، بإطلاق “دليل الإفصاح عن البيانات المتعلقة بالمناخ للأسواق الخاصة”. وقد جددت صناديق الثروة السيادية خلال القمة، مطالبتها لمديري الصناديق الخاصة التي يستثمرون فيها بضرورة الإبلاغ عن انبعاثات الكربون التقديرية للنطاق 1 والنطاق 2، وانبعاثات النطاق 3 التقديرية للأعمال ذات الكربون العالي بنهاية عام 2023. علاوة على ذلك، دعت الصناديق جميع الأسواق الخاصة إلى بدء رحلة الإفصاح عن بيانات المناخ للحد من المخاطر التي تهدد النظام المالي وكوكب الأرض.

أكد أعضاء شبكة الكوكب الواحد على أهمية تجميع البيانات المتعلقة بالمناخ وتقديم تقارير عنها. ولهذا رحبت الشبكة بإنشاء لجنة التسيير المعنية بالمناخ تحت رئاسة فخامة الرئيس الفرنس إيمانويل ماكرون، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص لطموح وحلول المناخ مايكل بلومبرغ. ونوّه أعضاء الشبكة بالجهود العالمية المبذولة لسد الفجوة في البيانات، وخاصة إنشاء مرفق عام للبيانات الخاصة بصافي الانبعاثات الصفرية.

سيوفر مرفق البيانات الخاصة بصافي الانبعاثات الصفرية مستودعاً مركزياً لأهم البيانات ذات الصلة بالتحول المناخي، والتي سوف تتاح في البداية للشركات. وتكتسب هذه المبادرة أهمية كبيرة من أجل تحقيق المواءمة والتناسق بين مختلف أطر العمل الخاصة بتقديم التقارير. وقد وافقت شبكة الكوكب الواحد على أن تتعاون مجموعة العمل المعنية بالبيانات مع مرفق البيانات بهدف إنجاز الإرشاد الخاص ببيانات المناخ وتوفيره في السوق وذلك بعد تجميع بيانات الانبعاث للنطاقات الأول والثاني والثالث.

وفي كلمتها أمام القمة السادسة، قالت الدكتورة ماري شابيرو، رئيسة سكرتارية فريق العمل المعني بالإفصاحات المالية ذات الصلة بالمناخ: “ما يزال الوصول إلى بيانات متسقة وذات جودة عالية فيما يتعلق بالتحول المناخي يشكل أكبر عقبة أمام العمل المناخي. ونحن نرحب بتعاون شبكة الكوكب الواحد وتقديرها لأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه المرفق العام للبيانات الخاصة بصافي الانبعاثات الصفرية في تزويد الأسواق المالية ببيانات تتمتع بقدر أكبر من الشفافية والصحة.”

وأضاف مايك بلومبرغ، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لطموح وحلول المناخ، بقوله: “أعتقد أن المرفق العام للبيانات الخاصة بصافي الانبعاثات الصفرية الذي تعمل عليه “بلومبرغ فيلانثروبيز” مع الرئيس ماكرون سيساعدهم على القيام بذلك، ونحن سعداء بأن هذا الجهد قد وجد ترحيباً اليوم من عدد من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم وشركات إدارة الأصول وصناديق الاستثمارات الخاصة. ولا شك أن ذلك سيدفع بعملنا إلى الأمام وأنا أشكر الرئيس ماكرون على مساعدته في هذا الشأن.”

2. تسريع الاستثمارات – الهيدروجين النظيف

يرى أعضاء شبكة الكوكب الواحد أن ضخ مزيد من الاستثمارات في مجال الهيدروجين النظيف من أهم التدابير التي يجب اتخاذها لتحقيق أهداف اتفاقية باريس. إن تسريع الاستثمار في الهيدروجين أمر ممكن التحقيق متى ما توفرت الممكّنات الملائمة. وقد وافقت شبكة الكوكب الواحد على قيام فريق عملها المعني بالهيدروجين النظيف بإنشاء منبر مشترك مع مجلس الهيدروجين[website]  يضم 150 من كبرى الشركات في قطاع الهيدروجين، من أجل تطوير معايير عالمية لإصدار شهادات الاعتماد للهيدروجين النظيف عبر كل مكونات سلسلة القيمة. وقد أجمع الأعضاء على أن معايير الاعتماد هذه ستساهم في تسريع عملية تطور السوق العالمية للهيدروجين النظيف والحد من الانبعاثات على المستوى العالمي. كما أن معايير الاعتماد يمكن أن تساهم في تسهيل عملية تمويل مشاريع الهيدروجين النظيف، بما في ذلك في الدول الناشئة والنامية، وذلك من خلال خفض التكاليف وتنظيم الإجراءات العملية بالنسبة للدول النامية.

3. تسريع  الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة في الاقتصادات الناشئة والنامية 

إن خفض الانبعاثات الكربونية في الاقتصادات الناشئة والنامية، مع تلبية الحاجة المتنامية للطاقة النظيفة بأسعار معقولة، يتطلب زيادة كبيرة في مساهمة القطاع الخاص ورفع مستوى التمويل. وقد أكد أعضاء شبكة الكوكب الواحد قناعتهم بأن الاستثمار في الطاقة المتجددة في الاقتصادات الناشئة والنامية يوفر فرصة استثمارية هائلة من منظور التأثير والمخاطر والعوائد.

لقد أصبحت صناديق الثروة السيادية، خلال العقد الماضي، مصدراً مهماً لتمويل مشاريع البنية التحتية للطاقة المتجددة في الأسواق الناشئة. وفي سبيل الإعداد لقمة اليوم، اعتمد أعضاء شبكة الكوكب الواحد على خبرة سنوات طويلة في تمويل المشاريع، إل جانب الاستئناس بآراء صناع السياسات وكبار مطوري المشاريع لتحديد إجراءات محددة يمكن أن تمهد لتطبيق حلول محلية في مجال الطاقة المتجددة وتأسيس أسواق مستدامة. واتفق الأعضاء على أن بناء نظم حيوية مترابطة للطاقة النظيفة على المستويين المحلي والإقليمي مع توفير مدخل مرن للنظام التمويلي العالمي شرط ضروري لضمان فاعلية هذا النهج.

وقد وافقت شبكة الكوكب الواحد على أن تتولى مجموعة عملها المعنية بالطاقة المتجددة وضع برنامج لتسريع الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة في مناطق غرب ووسط أفريقيا بهدف تحفيز هذه المنظومة الحيوية، وإجراء حوار مع العديد من مصارف التنمية متعددة الجنسيات. كذلك وافق أعضاء مجموعة العمل على دعم انعقاد لقاء للجهات الرئيسية المعنية بمنظومة الطاقة المتجددة في غرب أفريقيا.

ملاحظات للمحررين

شبكة الكوكب الواح لصناديق الثروة السيادية: أنشئت الشبكة في البداية كمجموعة عمل مؤلفة من خمسة صناديق ثروة سيادية مؤسسة، ثم نمت إلى 47 عضواً، وتضم 18 صندوق ثروة سيادية  و18 شركة إدارة صناديق و11 شركة للاستثمارات الخاصة، ويبلغ إجمالي الأصول التي تملكها وتديرها أكثر من 37 ترليون دولار أمريكي، وتلتزم جميعها بالمساهمة في تطبيق مبادئ الإطار العام لشبكة الكوكب الواحد لصناديق الثروة السيادية (للاطلاع على الوثيقة)،  التي صدرت لأول مرة من قصر الإليزيه في عام 2018.

Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

To Top